شارك قادة من العالم في قمة الإثنين في كييف عقدت في الذكرى الثالثة للعملية الروسية بأوكرانيا، بينما دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى إحلال سلام دائم خلال السنة الراهنة.
وتأتي هذه الذكرى في خضم تحول في الموقف الأميركي تجاه أوكرانيا، إذ تتباحث الولايات المتحدة بقيادة دونالد ترامب مباشرة مع روسيا وتنتقد الرئيس الأوكراني وتحمّل أوكرانيا مسؤولية اندلاع الحرب في 24 شباط/فبراير 2022.
وفي هذا السياق، التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الإثنين في واشنطن الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وكتب ماكرون على منصة إكس “دعمنا لأوكرانيا سيظل ثابتا. أنا في واشنطن لتأكيد ذلك والمضي قدما مع الرئيس ترامب وحلفائنا”.
بينما أعلن ترامب الاثنين أنه يبحث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صفقات اقتصادية “كبرى” في إطار مباحثات إنهاء الحرب في أوكرانيا.
وكتب ترامب على منصته “تروث سوشال”، “أجري مناقشات جادة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن إنهاء الحرب، وكذلك المعاملات الاقتصادية التنموية الكبرى التي ستتم بين الولايات المتحدة وروسيا. المحادثات تسير بشكل جيد جدا!”.
ومن المقرر أيضا أن يزور رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر البيت الأبيض الخميس للبحث في الشأن الأوكراني أيضا.
من جهتها، أعلنت روسيا التي تحتل 20 % من الأراضي الأوكرانية أنها لن تتوقف عن القتال إلا عندما تنال ما تريده من المفاوضات الرامية إلى إنهاء الحرب. وتؤكّد موسكو أن أوروبا تسعى إلى مواصلة الصراع.
وأدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى اندلاع أسوأ نزاع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، ما أسفر عن مقتل الآلاف ونزوح الملايين وتدمير مدن كاملة.
وأكد زيلينسكي خلال قمة في كييف مع عشرات القادة الأوروبيين في الذكرى الثالثة للغزو الروسي لأوكرانيا “يجب أن تشهد هذه السنة بداية سلام حقيقي ودائم. (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين لن يمنحنا السلام أو سيعطينا إياه في مقابل شيء. يجب أن نظفر بالسلام بالقوة والحكمة والوحدة”.
وفي السياق نفسه، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين الإثنين أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يريد “استسلام” أوكرانيا، فيما أعلنت تقديم مساعدات جديدة لكييف بقيمة 3,5 مليارات يورو.
وقالت فون دير لايين خلال القمة إنّ “الحرب في أوكرانيا تبقى الأزمة الأهم والأكثر تأثيرا على مستقبل أوروبا. بوتين يحاول أكثر من أي وقت مضى الفوز في هذه الحرب على الأرض. ويظل هدفه استسلام أوكرانيا”.
– دعم تركيا –
من جهته، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاثنين إن موسكو لن توقف القتال في أوكرانيا إلا بعد تحقيق أهدافها من المفاوضات التي يعتزم الرئيسان الروسي والأميركي مباشرتها لإنهاء النزاع.
وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي مع نظيره التركي فيدان هاكان في أنقرة “لن نوقف القتال إلا عندما تفضي المفاوضات إلى نتيجة ثابتة ودائمة تناسب روسيا الاتحادية”.
من جهته، أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الإثنين عبر رابط فيديو خلال القمة دعمه لوحدة أراضي أوكرانيا، مشددا على أنّه يجب تمثيل موسكو وكييف “بشكل عادل” في أي محادثات لإنهاء النزاع.
وبمواجهة الخطر الروسي وتبدل الموقف الأميركي، يسعى الأوروبيون الذين باتوا في موقع ضعف لحشد قواهم.
– مفاوضات على المعادن –
وبعدما تبنى الموقف الروسي الذي يحمل أوكرانيا مسؤولية اندلاع الحرب وباشر محادثات مع موسكو بدون أي مشاركة أوكرانية أو أوروبية، يصر دونالد ترامب على استعادة قيمة المساعدة التي قدمتها الولايات المتحدة لكييف منذ بدء الصراع، من خلال وصول الولايات المتحدة إلى موارد أوكرانيا من المعادن الحيوية والنادرة.
واستبعد زيلينسكي الأحد توقيع اتفاق يدفع ثمنه “عشرة أجيال من الأوكرانيين”.
لكن أوكرانيا أعلنت الاثنين أنها وصلت إلى المراحل النهائية من المحادثات المرتبطة بالمعادن، ووصفتها نائبة رئيس الوزراء أولغا ستيفانيتشينا على إكس بأنها “بناءة”.
وأفاد مصدر رفيع المستوى وكالة فرانس برس طالبا عدم كشف اسمه أن أوكرانيا اقترحت على الولايات المتحدة توقيع “اتفاق إطاري” في واشنطن بحضور زيلينسكي وترامب، وهي تنتظر رد واشنطن.
في الأمم المتحدة، أقرت الجمعية العامة مشروع قرار يؤكد دعمها لأوكرانيا ووحدة أراضيها، بعد ثلاث سنوات من بدء النزاع.
وكانت واشنطن طرحت مشروع قرار منافسا، دعا في البداية إلى إنهاء النزاع في أقرب وقت ممكن من دون الإشارة إلى وحدة الأراضي الأوكرانية.
وتم تعديله بشكل كبير من قبل الدول الأوروبية التي أدخلت هذه الإشارة إلى سلامة الأراضي والدعوة إلى “سلام عادل”.
وحصل النص المعدل على 93 صوتا لصالح القرار، مقابل 18 صوتا ضده، بما في ذلك الولايات المتحدة، وامتناع 65 دولة عن التصويت.
وتطالب موسكو عمليا باستسلام الجيش الأوكراني وتخلي كييف عن خمس مناطق تحتلها روسيا كليا أو جزئيا وتخليها عن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي وقيام سلطات جديدة في كييف.
ولا تخفي روسيا ارتياحها لرؤية دونالد ترامب يكسر العزلة التي أراد الغرب أن يفرضها على فلاديمير بوتين، ويتبنى مواقف قريبة من مواقف الكرملين، ويعتبر أن وجود زيلينسكي في المفاوضات مع روسيا بشأن الصراع “ليس مهما”.
كذلك، أعلن الكرملين أن بوتين “أطلع” الرئيس الصيني شي جينبينغ الاثنين على المحادثات الروسية-الأميركية التي بدأت الأسبوع الماضي.
بدوره، أشاد شي الاثنين بـ”الجهود الإيجابية” التي تبذلها روسيا مع أطراف أخرى “لنزع فتيل” الأزمة في أوكرانيا، أثناء اتصال هاتفي مع بوتين، وفق ما نقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا).
وأعلنت الحكومة البريطانية الإثنين عن أكثر من مئة عقوبة ضد جهات تدعم الحرب الروسية.
وتستهدف حزمة العقوبات التي وُصفت بأنها الأكبر منذ بدايات الغزو، “الآلة العسكرية الروسية وكيانات تدعمها في بلدان أخرى وشبكات الإمداد الهشة التي تعتمد عليها”، بحسب بيان لوزارة الخارجية.