أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي السبت إن واشنطن اقترحت عقد أول مفاوضات مباشرة بين أوكرانيا وروسيا منذ ستة أشهر، تزامنا مع توافد دبلوماسيين إلى ميامي لجولة جديدة من المحادثات الهادفة لإنهاء الحرب.
وكان آخر اجتماع رسمي مباشر بين وفدي أوكرانيا وروسيا في تموز/يوليو في إسطنبول، وأسفر عن عمليات تبادل للأسرى، من دون إحراز تقدم ملموس في مسار المفاوضات.
وإذ أن طاولة مستديرة تجمع كافة الأطراف لم تكن بداية على جدول المحادثات، قال الرئيس الأوكراني “لقد اقترحوا هذا الشكل كما أفهم: أوكرانيا، أميركا، روسيا”، مضيفا أن الأوروبيين يمكن أن يكونوا حاضرين، وأنه سيكون من “المنطقي عقد اجتماع مشترك مماثل… بعد أن نفهم النتائج المحتملة للاجتماع الذي انعقد بالفعل”.
قبيل ذلك، أعلن الموفد الروسي للمسائل الاقتصادية كيريل دميترييف السبت أنه في طريقه إلى المدينة الواقعة في ولاية فلوريدا، حيث تتواجد فرق أوكرانية وأوروبية للمشاركة في المفاوضات التي يقودها المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، جاريد كوشنر.
وكتب دميترييف على إكس “في الطريق إلى ميامي”، مرفقا منشوره برمز حمامة السلام ومقطع فيديو قصير يظهر شروق الشمس من خلف غيوم فوق شاطئ عليه أشجار نخيل.
وقال إن “دعاة الحرب يواصلون العمل بلا كلل من أجل تقويض خطة السلام الأميركية لأوكرانيا، تذكرت هذا الفيديو من زيارتي السابقة: النور يشع من خلال غيوم العاصفة”.
وكان ويتكوف وكوشنر قد التقيا الجمعة قرب ميامي المفاوض الأوكراني رستم عمروف وممثلين عن فرنسا وبريطانيا وألمانيا.
– خطوة جديدة –
وقال عمروف في ختام المحادثات إنّ وفده اتفق مع الأميركيين على “مواصلة العمل المشترك في المستقبل القريب”.
وتُعد المشاركة المباشرة للأوروبيين تطورا جديدا مقارنة بالاجتماعات التي جرت خلال الأسابيع الماضية بين وفود أوكرانية وأميركية في جنيف وميامي وبرلين.
وأكّد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الجمعة، مع بداية الجولة الجديدة من المحادثات، أن أي اتفاق لن يُفرض على أوكرانيا.
وقال في مؤتمر صحافي بواشنطن إن “هذه الرواية برمّتها التي تقول إنّنا نحاول فرض شيء على أوكرانيا سخيفة … لا يمكننا إجبار أوكرانيا على إبرام اتفاق، ولا يمكننا إجبار روسيا على إبرام اتفاق. يجب أن ترغبا في التوصل إلى اتفاق”.
تسارعت خلال الأسابيع الأخيرة بعد نشر خطة إدارة ترامب، وتيرة المساعي الدبلوماسية لإنهاء النزاع، الذي سيدخل عامه الخامس في شباط/فبراير، من دون أن تُسفر عن وقف إطلاق نار.
لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ألمح إلى أن روسيا قد توقف ضرباتها المدمّرة على البلاد لإتاحة المجال أمام أوكرانيا لتنظيم انتخابات رئاسية، وهو احتمال رفضه نظيره الأوكراني.
وقال زيلينسكي “ليس بوتين من يقرر متى وبأي صيغة ستُجرى الانتخابات في أوكرانيا”، مؤكدا أيضا رفضه إجراء أي اقتراع في الأراضي التي تحتلها روسيا.
ميدانيا، تواصل روسيا استهداف البنى التحتية الأوكرانية. فقد أدى صاروخ باليستي مساء الجمعة إلى مقتل ثمانية أشخاص وإصابة نحو 30 قرب أوديسا، وفق ما أعلن الحاكم المحلي أوليغ كيبر. وأعلنت موسكو السبت سيطرتها على قريتين في منطقتي سومي (شمال) ودونيتسك (شرق).
وقالت رئيسة الوزراء الأوكرانية يوليا سفريدينكو إن حافلة مدنية أصيبت في الهجوم، والضحايا “كانوا أوكرانيين عاديين”.
وتسببت سلسلة من الضربات الروسية المكثّفة في الأسابيع الأخيرة بفوضى في المنطقة الساحلية، مستهدفة الجسور وقطعت الكهرباء والتدفئة عن مئات الآلاف وسط درجات حرارة متجمدة.
وكانت موسكو قد قالت في وقت سابق إنها ستوسع ضرباتها على الموانئ الأوكرانية ردا على استهداف كييف لناقلات النفط التي تتجاوز العقوبات.
والسبت، أعلن جهاز الأمن الأوكراني تدمير مقاتلتين روسيتين في مطار داخل شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا.
وأعرب الرئيس الأميركي عن نفاد صبره، وحضّ كييف على “التحرك بسرعة” خلال حديث مع صحافيين في المكتب البيضاوي.
– “تقدّم” –
وقال زيلينسكي إنّ هناك “تقدّما” باتجاه التوصل إلى تسوية بين كييف وواشنطن بشأن مضمون خطة تُطرح على موسكو لإنهاء القتال، لكنه حذّر من أن روسيا تستعد، على حد قوله، لـ”عام جديد من الحرب” في 2026.
وكانت الولايات المتحدة قد اقترحت قبل أكثر من شهر خطة لإنهاء الحرب التي بدأت مع الغزو الروسي في شباط/فبراير 2022. لكن النسخة الأولى من الخطة عُدت مؤاتية لموسكو، قبل تعديلها عقب التشاور مع كييف.
ولم تُكشف تفاصيل النسخة الجديدة، لكن زيلينسكي قال إنها تتضمّن تنازلات عن الأراضي مقابل ضمانات أمنية غربية.
وفي المقابل، قال بوتين إن الكرة باتت “في ملعب” كييف وحلفائها الأوروبيين، مؤكدا أن موسكو قدّمت “تنازلات” خلال محادثاتها مع الأميركيين.
وتباهى بوتين بالمكاسب الإقليمية التي حققتها القوات الروسية في شرق أوكرانيا، مؤكدا أنها “تتقدم على طول خط الجبهة”.
سرّعت القوات الروسية هذا العام تقدّمها وباتت تسيطر على نحو 19 في المئة من الأراضي الأوكرانية.