أمينة خيري
مطلوب قدر أوفر من الرضا لأسباب عدة. نحن نستحق أن نكون أسعد حالاً. الحال أصبح صعباً جداً.. على مستويات عدة، وبعضها يمكن تحسينه وتعديله بقليل من الجهد والتفكير، ودون تكبيد الدولة المزيد من الأعباء الاقتصادية.. في ظل وضع اقتصادي محلي وإقليمي وعالمي مأزوم. والمرحلة الصعبة التي نحن مقبلون عليها.. في ظل التصعيد في غزة، والعناد الإسرائيلي، والإصرار متعدد الأطراف.. على أن تكون الجعجعة ولفت الأنظار من نصيب فريق، والمسؤولية الخطيرة من نصيب فريق، وهذا الفريق الأخير هو مصر، وشعبها، وجيشها.
هذا الرضا، يمكن إدراجه تحت بند التحسينات والتعديلات، لا التغيرات الجذرية أو الإصلاحات الهيكلية. كل المطلوب بعض الترميم للنفسيات المنهكة، والقلوب المتعبة، والعقول المثقلة. وهذا المطلوب متعدد المكونات. وما تطلبه فئة منهكة هنا، يختلف قليلاً عما تتوق إليه فئة منهكة هناك.
بمعنى آخر، التيسير على الفئات الأكثر احتياجاً مادياً.. يحتاج تخفيفاً لأحمال الإنفاق، مثل المستلزمات المدرسية والمصروفات والدروس الخصوصية، بالإضافة بالطبع إلى بند الطعام الذي يقضي على الأخضر واليابس.
أعلم يقيناً أن الدولة تبذل كل الجهد.. لتوفير «حقوق» رئيسية وبديهية مثل الصحة والسكن وغيرهما. لكن ما يسمى بـ«كلفة التشغيل» أصبح حملاً تنوء به كواهل الملايين؛ فواتير الكهرباء، أسعار الخضراوات والفواكه (ولن أتطرَّق إلى اللحوم والأسماك)، وساندويتش الفول وقرص الطعمية وعلبة الكشري.. تتصاعد بشكل غير مفهوم. قليل من السيطرة على مثل هذه البنود، يشكل جزءاً غير قليل من دوافع الرضا أو عدم الرضا.. من قبَل المواطن، وقادر على صنع الفرق.
فئات أخرى فقدت الأمل أو كادت، وتشعر بتهديد مستمر لحياتها وحياة أبنائها.. جراء فوضى الشارع؛ لا التاكسي يعمل بعداد، ولا عبور الشارع مضمون، حيث المسألة باتت حياة أو موتاً.. في الكثير من الطرق بالغة الاتساع، الخالية من آليات عبور المارة (مع العلم أن ما يسمى بـ «Zebra crossing» وهي تلك الخطوط البيضاء العريضة المرسومة على الأرض، والتي يُفترض أن تعني أنها أماكن مخصصة لعبور المشاة، دون وجود إشارة مرور، والمعروفة في الكثير من الدول الأخرى، ولكنها عندنا لا تعني شيئاً، فلا السائق يعرف المغزى منها، وإن عرف فهو لا يتوقف، ولا المشاة على دراية بالسبب من رسمها). وقائمة دوافع القلق اليومي كثيرة، حيث قلة – وأحياناً انعدام الوعي لدى الكثيرين – فيما يختص بإلقاء القمامة في الشارع، واحتلال الأرصفة، وغرس «الخوازيق» الأهلية في الأرض.. لحجز أماكن إيقاف السيارات، وفوضى البناء وطلاء الواجهات، وتحميل وتنزيل الركاب في مطالع الكباري ومنازلها، ولن أتحدث عن السير العكسي لأنني بُح صوتي، والقائمة طويلة.
لا أظن أن ما سبق من عمليات تعديل وتجميل وضبط وربط يكلف أحداً الملايين. هي فقط تتطلب أن يقوم كل بعمله فى مجاله، مع العلم أن توعية الناس.. لضمان استدامة التطوير الجذري والبنى التحتية الجبارة.. هو عمل ومسؤولية، وليس اختياراً.
نقلاً عن «المصري اليوم»