في محطة جديدة تُبرز التحركات المصرية المكثفة لدعم القضية الفلسطينية، احتضنت القاهرة الإثنين، مؤتمرًا دوليًا لدعم وتعزيز الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة. يهدف هذا المؤتمر إلى التخفيف من الكارثة الإنسانية التي يعانيها الفلسطينيون جراء الحصار الإسرائيلي وسياسة التجويع، وإيجاد حلول عملية لوقف العدوان وضمان تدفق المساعدات الإنسانية بلا قيود.
وقدمت القاهرة أكثر من 80% من المساعدات الموجهة لغزة خلال الأشهر العشرة الماضية، وهي النسبة الأكبر مقارنة بـ50 دولة مجتمعة. كما وفرت 72% من حجم المساعدات البرية التي وصلت إلى القطاع، في تأكيد على الدور المحوري لمصر في دعم الشعب الفلسطيني.
تحركات دولية ومبادرات إنسانية
يأتي تنظيم المؤتمر الدولي كامتداد لدور مصر في تقديم الدعم الإنساني لغزة، حيث دعت القاهرة من خلال المؤتمر إلى تشكيل تحالف دولي إنساني يهدف إلى: رفع القيود الإسرائيلية المفروضة على تدفق المساعدات، ووقف فوري لإطلاق النار والحد من التصعيد العسكري، والتوصل إلى صفقة تبادل تضمن إدخال المساعدات دون عوائق، وإيجاد أفق سياسي لتنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وتواصل السلطات المصرية عبر جهود دبلوماسية على مدار الساعة، استخدام نفوذها الإقليمي والدولي للدفاع عن حقوق الفلسطينيين. وتحرص على إبراز معاناتهم أمام العالم، في إطار دورها التاريخي ومسؤوليتها القومية تجاه القضية الفلسطينية.
كما تعمل القاهرة على إيجاد حلول مستدامة للتحديات التي يواجهها سكان غزة، بما يعزز من استقرار المنطقة بأسرها. يظل هذا الدور المصري الحيوي تجسيدًا لالتزامها الثابت تجاه القضية الفلسطينية، ومساعيها الحثيثة لدعم الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
مؤتمر القاهرة: خطوة نحو الاستقرار الإقليمي
واستضافت العاصمة المصرية، أمس الإثنين، مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة، وذلك تحت رعاية السيد رئيس الجمهورية وبحضور د. بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج والسيدة أمينة محمد نائبة السكرتير العام للأمم المتحدة، وبمشاركة ١٠٣ وفد للدول والمنظمات والهيئات الدولية والمؤسسات المالية.
وجاء انعقاد المؤتمر في سياق جهود مصر الداعمة للاستجابة الإنسانية في غزة ولمواجهة الكارثة الإنسانية التي يعاني منها أبناء الشعب الفلسطيني بقطاع غزة، حيث يهدف المؤتمر لتأمين التزامات واضحة بتقديم المساعدات لغزة، وتعزيز الدعم الدولي لضمان استدامة الإستجابة للأزمة الإنسانية في غزة، وحشد الجهود لتوفير المساعدات الإنسانية العاجلة لأهل غزة، والتخطيط للتعافي المبكر داخل القطاع.
شهدت النقاشات التي جرت خلال المؤتمر تسليط الضوء على الجهود المصرية الحثيثة في مختلف المجالات الإنسانية والسياسية. وأكد المشاركون أهمية تعزيز هذه الجهود ودعمها لضمان إيصال المساعدات الأساسية للفلسطينيين، بما يشمل الغذاء والماء والإمدادات الطبية والوقود والمأوى، وبصورة فعالة ومستدامة.
وضع إنساني كارثي وحصار مستمر
أعرب البيان الختامي للمؤتمر عن القلق البالغ تجاه الوضع الإنساني المتدهور في غزة، والذي تفاقم بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية التي استهدفت المدنيين والبنية التحتية، بما في ذلك منشآت الأمم المتحدة وموظفيها. وأشار البيان إلى التدمير الواسع النطاق الذي ترتب عليه تشريد أكثر من 1.9 مليون فلسطيني، واستمرار الحصار الإسرائيلي المشدد الذي يمنع وصول المساعدات الإنسانية ويعزل شمال غزة عبر بناء جدار عازل.
ندد المؤتمر باستمرار إسرائيل في تقييد النفاذ الإنساني وإغلاق المعابر أو تشغيلها بقدرة محدودة، ما أدى إلى محاصرة المدنيين داخل القطاع أو عرقلة عودتهم إلى منازلهم. كما أشار إلى الانتهاكات المتكررة للقانون الدولي والقانون الإنساني، رغم دعوات المجتمع الدولي وقرارات مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية، التي تطالب بوقف فوري لإطلاق النار وضمان النفاذ الكافي للمساعدات.
أكدت مصر في البيان الصادر عن المؤتمر أنها ستواصل العمل بلا كلل لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين، مع ضمان توفير بيئة آمنة لتوزيع المساعدات الإنسانية ووصولها إلى المدنيين في كافة أنحاء قطاع غزة. كما شددت على ضرورة تسهيل النفاذ السريع للمساعدات عبر المعابر كافة دون عوائق.
ختام برؤية إنسانية وسياسية شاملة
يمثل المؤتمر خطوة مهمة على طريق توحيد الجهود الدولية للتعامل مع الأزمة في غزة. وإلى جانب الدور المصري المحوري، تأتي دعوات المؤتمر لتعزيز التعاون الدولي، ودعم الشعب الفلسطيني في محنته، والعمل على إيجاد حلول مستدامة تعيد الأمل إلى قطاع غزة وتساهم في استقرار المنطقة.
ويعكس المؤتمر الدولي في القاهرة رؤية شاملة لمعالجة جذور الأزمة الفلسطينية من منظور إنساني وسياسي، ما يجعل مصر لاعبًا رئيسيًا في السعي لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.