وجيه وهبة
في عصر الفيسبوك والإكس (تويتر)، واليوتيوب، والبودكاست… إلخ، حينما تقصر وسائل الإعلام الرسمية والمؤسسية عن أداء وظيفتها.. بالحرية والمصداقية المأمولة، يلجأ الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي تلك، ويصبح: «الإكس أصدق أنباءً من الصحف..» (مع الاعتذار لأبي تمام). والأمر هنا غير قابل للتعميم، فتلك الوسائط والوسائل.. سلاح ذو حدين، إذ يمكن استخدامها في نشر الحقائق، وأيضاً في بث الأكاذيب. أما أمر فرز هذه من تلك، والغث من الثمين، فإنه يحتاج لحد أدنى من المعارف، بالإضافة إلى قدر من «الثقافة الرقمية».. «ثقافة الديجيتال».
■ صدرت التعليمات من «وكر الأفاعي»، فانطلق كورس أذناب الإخوان المسلمين وحلفائهم ــ بكافة انتماءاتهم ــ وارتفعت عقيرة أسافلهم بأحط ألفاظ السباب، والتظاهر، أمام مقار السفارات والبعثات الدبلوماسية المصرية.. في بعض دول العالم. وكالمعتاد، وبالطبع، كانت «التكأة» جاهزة… الفزاعة السياسية الآن: «غزة» و«معبر رفح».. ومجموعة الأكاذيب الفجة المعتاد تداولها وترويجها، برعاية «وكر الأفاعي». ولقد بلغ الفُجر مداه، حين حاول بعض من الصبية وضع أقفال على أبواب سفاراتنا من الخارج!! بل وشاهدنا بعضهم داخل أحد المقرات الدبلوماسية المصرية، يتجاوز في سلوك عدواني أمام العاملين فيه، الذين اتسم رد فعلهم على السلوك المشين للمعتدين.. بالرخاوة والاستكانة المثيرة للدهشة، مع أنهم في مركز قانوني قوي، فالمقر الدبلوماسي يتمتع بالحصانة الدبلوماسية.
■ لكل بلد قوانينه التي تنظم مسألة الاحتجاجات والتظاهرات، وعلينا أن نعي ذلك جيداً، ونبتعد عن حماقة الردود العشوائية على تجاوزات ومؤامرات حصار المقرات الرسمية المصرية بالخارج. ويجب أن نواجه التجاوزات بحنكة وفطنة ومخططات ذكية، تراعي قوانين البلاد محل التجاوزات، كما تراعي العقل والمنطق.
■ إذا كانت هناك شبهات وشكوك حول تواطؤ أجهزة بعض الدول، بالنسبة للتجاوزات والمظاهرات أمام سفاراتنا، فليس الرد الأمثل هو «حشد» مظاهرات ــ تبدو مصطنعة ولا تبدو تلقائية ــ أمام مقار سفارات تلك الدول بالقاهرة. ولو كان هناك إعلاماً رشيداً ذكياً، لتولي بطريقة غير مباشرة مهمة تحفيز الناس للاحتجاج وللاحتشاد.. بصورة تبدو أمام العالم وكأنه احتشاد تلقائي.. بقرار حر، دون توجيه مباشر من أحد. ذلك إذا تيقنوا بتواطؤ وتآمر أو تقصير أجهزة الأمن في تلك الدول.
■ ألا تكون هناك احتجاجات ومظاهرات من جانبنا، لهو خير من أن تكون هناك تظاهرات «موجهة» واضحة الاصطناع و«الفبركة».
■ بمناسبة تسريبات محادثة لوزير الخارجية مع أحد سفرائنا بالخارج، تُرى متى تنتهي ظاهرة «التسريبات» و«الاختراقات».. لأعلى مستويات السلطة في مصر؟ وعلام يدل ذلك؟ وبغضِّ النظر عن مواءمته أو عدم مواءمته، فإن التسريب والاختراق في حد ذاته.. هو عمل لا يصح ولا يُطمئن، ولا يجب تبريره بحجج واهية.
أيد صديقة وأيد «خطر»
علينا ألا ننسى الدول التي وقفت مع «مصر» – في عز الحصار لثورة «30 يونيو» – ومن دافعوا عنها أمام المحافل الدولية.. حينما كانت «الثورة» توصف بالانقلاب العسكري، من وقفوا معنا سياسياً واقتصادياً.
فمن ينسى موقف «المملكة العربية السعودية» هو جاحد ظلوم، من ينسى الموقف القوي لوزير الخارجية الأمير «سعود الفيصل»؟ ومن ينسى موقف «الإمارات العربية المتحدة» هو جاحد ظلوم. ومن ينسى الموقف العظيم للشيخ «محمد بن زايد»؟
أتحدث عن مواقف دول، لا عن تجاوزات أفراد هنا وهناك، مهما بلغ شأنهم. وكما أن هناك دولاً تتعامل مع «مصر».. بوضوح وصدق نوايا، وإن لم تتطابق الرؤى السياسية في موضع أو آخر، فإن هناك من يبدون وكأنهم يمدون يد المساعدة، وهي في واقع الأمر يد «خطر»، متآمرة، لم ولن تتوقف عن محاولة «أخونة» «مصر»، يد «خطر» ملوثة بدماء أبنائنا، يد «خطر» يجب أن تُقطع تماماً؛ إذ إنها لا تتوقف عن التآمر والطعن من الخلف.
■ لا يجب ــ تحت أي مسمى وأية ضغوط اقتصادية ــ أن نتغاضى عن الكرامة الوطنية، أو ننسى من سفكوا دماء أبناء جيشنا وشرطتنا.. من دول وجماعات، سواء بطريقة مباشرة بسلاح الإرهاب الغادر، أو ساعدوا بالتمويل المادي أو بتوفير الدعم اللوجستي والظهير الإعلامي، أو بتوفير الملجأ في المقر الرئيسي لـ«وكر الأفاعي الإخوانية» وحلفائهم، أو في فروعه التي تبث سمومه ضد «مصر» عبر العالم. من العار أن ينسى أحد دماء أبنائنا من أجل الدولارات والاستثمارات.
■ قد يجانب التوفيق متخذ القرار.. لسبب أو لآخر، حين يختار من يختاره لشغل مواقع المسؤولية المهمة.. بكافة أشكالها ومستوياتها. ولكن حين يتكشف له ما لم يكن معلوماً، حينئذٍ يكون «الرجوع للحق فضيلة» وقوة، وثقة بالنفس أيضاً، وليس ضعفاً. أما التمسك بالاختيار الخاطئ، فيكون حينها نوعاً من «العناد» الممجوج، المعبر عن معنى هزيل ومتهافت لمفهوم «القوة».
■ يجب إعادة النظر فيمن يتولون بعض المواقع الإعلامية وغير الإعلامية المؤثرة. هناك من أثيرت مؤخراً ضجة حول اختياراته لمعاونيه، خاصة أن ماضيه يفصح عن تعاطفه الشديد مع جماعة الإخوان المسلمين.. التي لطالما امتدحها وأيدها. وهو القائل يوماً: «أنا مع قوة وتميز وتوسع جماعة الإخوان المسلمين»، وهذا غيض من فيض؛ فهواه الإخواني موثق على وسائط التواصل الاجتماعي. كفانا تشويشاً للعقل المصري والعبث ببوصلته، بتوجيهها مرة ذات اليمين ومرة ذات الشمال.. حيَّرتم الناس. مرة أخرى: «الرجوع للحق فضيلة».
■ يسهل على الراصد لإعلامنا مؤخراً.. أن يلاحظ انفراجة ملموسة، وارتفاعاً ملحوظاً لسقف حرية الرأي المسموح. والمرجو أن تستمر هذه الانفراجة، بهدف الاستجابة والإصلاح، وليس لمجرد «التنفيس».
نقلاً عن «المصري اليوم»