Times of Egypt

خطة طوارئ شخصية

M.Adam
أمينة خيري  

أمينة خيري

لن أمضي قُدماً في التراشق بالمسؤوليات، ومن أكثر تقصيراً ممن؟ وإذا كانت الاستقالات – ولو سياسية – هي الحل أم لا؟ سأتحدث عن تجربة عاشتها ملايين لساعات، وبعضنا ما زال غارقاً فيها. من كان يتخيل أن تتعطل مظاهر عدة.. في تفاصيل حياتنا البسيطة، لتعطل الإنترنت والاتصالات لبضع ساعات؟ عالجت العشرات من الأفلام الأجنبية فكرة انقطاع الاتصال، سواء في زمن الإنترنت والاتصالات الرقمية أو قبلها، والفوضى العارمة التي تنجم عن ذلك. بدءاً من التفاصيل البسيطة للناس العاديين، ومروراً بأنظمة الدولة وأداء المؤسسات، وانتهاءً بمخاطر أمنية جمة. ومنها ما تطرق إلى انهيار العالم نتيجة انقطاعات مشابهة، وبعضها ذهب إلى درجة انتهاز كائنات فضائية الفرصة، وغزو الأرض والسيطرة عليها، والأفكار لا تنضب.

في كارثة حريق سنترال رمسيس، الفكرة تحولت إلى حقيقة عاشتها كل الفئات. لم ينجُ الأغنياء.. تاركين البسطاء لمصيرهم، ولم يفلت حاملو درجات الدكتوراه، ولم يغرق حاملو الشهادة الابتدائية وحدهم. وقف الجميع سواسية أمام آثار الحريق، وإن بدرجات متفاوتة. أعرف أصدقاء واجهوا مشكلة حقيقية لتزويد سياراتهم وسيارات أبنائهم بالوقود، لأن لا ماكينات التحصيل تعمل، ولا هم يحملون «كاش» يكفي. أعرف عمال «دليفري» بكوا دموعاً بعدما جاءت حصيلة عمل اليوم صفراً، بسبب تعذر الاتصال وكذلك الدفع عبر التطبيقات. أنا شخصياً ضللت الطريق أثناء ذهابي للقاء عمل في العاصمة الجديدة، بعد انقطاع خدمة الخرائط والـ«جي بي إس» مع انقطاع الإنترنت.

يقول البعض – خالطاً الجد بالهزل – إن وحدها «مدام عفاف» من نجت من انقطاع اتصالنا بالعصر الرقمي، وهذا جزء من الحقيقة، لكني على يقين بأن «مدام عفاف» حين أرادت أن تتصل بابنها مساءً لتطمئن عليه.. لم تتمكن من ذلك، لأن الشركة المشغلة لهاتف الابن تعطلت، وإنها حين حاولت الاتصال بـ«حسن» البواب، ليغلق باب الأسانسير الواقف في الرابع، لم تتمكن للسبب نفسه، وأن أم «مدام عفاف» حين توجهت إلى البنك لتصرف معاشها صباح اليوم التالي، عانت الأمرين.. بعدما اكتشفت أن البنك فاتح، لكن «السيستم» واقع.

ولنترك جانباً «خناقة» المسؤول الذي أكد أنه حول لابنه 100 جنيه عبر تطبيق رقمي، والوزير الذي قال إن الإنترنت لم ينقطع، ولنترك أيضاً جانباً الكرة.. التي يتقاذفها منتخبا التطبيل والندب؛ بين «عادي بيحصل في كل العالم»، و«مصيبة ودليل انهيار». ونقول إن الدرس الذي نخرج منه – لحين انتهاء التحقيقات – هو ضرورة أن يكون لدى كل منا «ميني خطة طوارئ»، بمعنى الاحتفاظ بقدر من «الكاش» في البيت والجيب، عدم ترك السيارات فارغة من الوقود اعتماداً على تزويدها «بكرة الصبح»، والاتفاق مع أفراد الأسرة على خطة ليطمئنوا فيها على بعضهم البعض.. حال انقطاع الاتصالات، وغيرها من التفاصيل. 

قد يحدث في كل أنحاء العالم؟ 

أكيد، وارد، لكن الخصوصية الاجتماعية والاقتصادية، تملي على كل منا خطة طوارئ شخصية.

نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة