Times of Egypt

خطة بدون توقيت!

M.Adam
عبدالقادر شهيب 

عبدالقادر شهيب

الأمر الوحيد.. الذي له توقيت في خطة ترامب لوقف الحرب في غزة، هو الذي يتعلق بالإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين في القطاع؛ فقد حدد ترامب 72 ساعة فقط – من وقف إطلاق النار – للإفراج عنهم كلهم أحياء أو  أمواتاً. بينما كل الأمور الأخرى – التي تتضمنها الخطة – لم يحدد لها توقيتاً؛ حتى الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين في سجون إسرائيل.. الذين تحدثت الخطة عن الإفراج عنهم، لم تحدد لهم توقيتاً!

لقد تضمَّنت الخطة.. انسحاباً تدريجياً لقوات الاحتلال في غزة، ولم تحدد مواعيد هذا الانسحاب التدريجي، وهل يستغرق أسابيع أو أشهر أو سنوات.. ولذلك خرج نتانياهو ليقول إن انسحاب قوات الاحتلال سيكون محدوداً، وإن هذه القوات ستبقى في أراضى القطاع.. حتى يتم تسليم «حماس» لسلاحها كله، وتدمير الأنفاق، والبنية التحتية لتصنيع السلاح في قطاع غزة.  

كما تضمَّنت الخطة تواجد قوات دولية وعربية في القطاع.. لضمان الأمن، دون تحديد للدول التي ستشارك بقوات لها في القطاع، ومن سيتحمل تكلفتها، وهل سوف تتواجد.. في وجود القوات الإسرائيلية بالقطاع، والأهم – وهو ما يعنينا هنا – لم تحدد الخطة موعد تواجد هذه القوات الدولية والعربية.. في القطاع، وهل يتم في وجود القوات الإسرائيلية، أم بعد أن تتم انسحابها.. غير المحدد له توقيت؟ 

وذات الأمر ينطبق على بدء إعمار قطاع غزة، فلا توقيت له. بينما الخطة المصرية – التي تبنتها القمة العربية-الإسلامية – تحدد البدء فيه فور الوقف الدائم لإطلاق النار.. من خلال برنامج زمني محدد؛ بدايته عمل للتعافي المبكر.. وربما كان إصرار نتنياهو على بقاء القوات الإسرائيلية في القطاع، سبباً لعدم تحديد موعد لبدء إعمار غزة.. في خطة ترامب. 

كذلك لم يتم تحديد موعد تشكيل الهيئة الدولية.. التي ستحكم أهالي غزة، رغم أن ترامب يرأسها، ويحتكر ضم أعضاء (ورؤساء) لها، مع أنه – كما أعد خطته – كان يمكنه أن يحدد توقيتاً لهذه الخطوة، التي تبدو غريبة، وتبدو أنها بمثابة فرض وصاية أمريكية على غزة وأهلها. 

وهكذا، كل ما تضمَّنته خطة ترامب.. لم يحدد توقيت تنفيذه، باستثناء البند الخاص بالإفراج عن كل المحتجزين الإسرائيليين في غزة. وهذا يتيح لإسرائيل التملص من تنفيذ التزاماتها القليلة في الخطة؛ وتحديداً الالتزام بالانسحاب من غزة. 

فهي يمكنها أن تُبقي قواتها في القطاع.. لأطول وقت. وهذا قاله نتنياهو في تصريحاته في المؤتمر الصحفي المشترك. 

كما قد يطول انتظار أهل غزة.. لتنفيذ تعافٍ مبكِّر، كمقدمة لإعادة الإعمار، لأنه لم يحدد موعداً لها. وقد يحدث ذلك الأمر في تدفق المساعدات الإغاثية الكاملة، التي تتضمَّن أدوات للإعمار، خاصة لمرافق المياه والصرف الصحي والمستشفيات. ولذلك أخشى أن يكون خلوّ الخطة من تحديد توقيتات تنفيذ بنودها.. ثغرة تستغلها إسرائيل لعدم تنفيذ التزاماتها. أما تحديد موعد فقط – وعاجل – للإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين، فهو يشي بأن من صاغ تلك الخطة.. هذا هو كل ما يهمه ويستهدفه، ويعترف بهذا ترامب ونتنياهو!.. أما باقي بنود الخطة، فلا اهتمام كافٍ وحقيقي بها من أصحابها؛ لأنها تتعلق بانسحاب قوات الاحتلال من غزة، وإعادة إعمار القطاع، وأيضاً بدء مسار سياسي.. لإقامة الدولة الفلسطينية؛ أي تخص حقوق الفلسطينيين التي تحاول إسرائيل سلبهم إياها. 

والسؤال الآن: هل عدم تحديد توقيتات.. لتنفيذ بنود خطة ترامب، كان متعمَّداً من قبَل من صاغوها؟! والإجابة: هذا أمر محتمل، لأن البند الوحيد الذي كان تنفيذه له توقيت عاجل، هو البند الخاص بالإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين في غزة، خاصة وأن نتنياهو.. انبرى يقدم تفسيره الخاص لما تضمَّنته الخطة من بنود، ويضع توقيتاته هو لتنفيذها، بل إنه ألغى بند مسار الدولة الفلسطينية، وأيَّده ترامب في ذلك!

نقلاً عن «أخبار اليوم»

شارك هذه المقالة