Times of Egypt

حرية الإعلام «الأمريكي» ودور الحكومة!

M.Adam
عبدالله عبدالسلام 

عبدالله عبدالسلام

استطلاعات رأي عديدة تشير إلى أن الإعلام الأمريكي يمر بأزمة غير مسبوقة منذ عشرات السنين تتركَّز حول محاولات ترامب وإدارته الحدَّ من حرية التعبير ومعاقبة الصحف أو القنوات التليفزيونية التى تنتقد سياساته. أساس المشكلة السؤال التالي: «هل يجب تقييد حرية التعبير.. إذا كانت الآراء المطروحة مناهضة للديمقراطية أو متعصبة أو تعتمد على معلومات غير صحيحة؟

إجابة ترامب والتيار المحافظ الذي يقوده.. هي نعم واضحة لا لبس فيها. لكنَّ المؤيدين لحرية التعبير من الليبراليين يرفضون ذلك، ويسألون من الذي يحدد ما إذا كان هذا الرأى متعصباً أو خاطئاً؟

المنطق الذي يسير عليه ترامب وتياره أن أمريكا تمر بظروف استثنائية، وأن الهدف لم يعد الحفاظ على حرية التعبير بل على الحضارة الأمريكية ذاتها. ترامب استغل اغتيال الناشط المحافظ تشارلى كيرك.. لاتهام اليسار المناهض له بالتسبب في الجريمة.. من خلال حملات التحريض ضد سياساته ومؤيديه عبر الإعلام والصحافة ووسائل التواصل. ضغط بشدة لوقف برامج «توك شو» تهاجمه وتسخر من سياساته وتصرفاته.

لا يرى ترامب أن ما يقوم به اعتداء على حرية التعبير، وهي جزء لا يتجزأ من «الحضارة».. التي يدافع عنها. المشكلة أنه يعتبر أي نقد ضده، غير صحيح ويجب منعه. يرى نفسه تجسيداً للدولة الأمريكية، وبالتالي، فإن أى انتقاد له مناهض للديمقراطية بل لأمريكا. حرية التعبير بالنسبة له، تعني التغني بإنجازاته والاصطفاف معه ضد خصوم الداخل والخارج.

ما هي الأدوات التي يمتلكها الرئيس الأمريكي.. لقمع معارضيه؟. الوسيلة الأهم لديه هي التشهير بهم وبالصحف والقنوات التي يعملون بها، واتهامهم بأنهم فاشلون ولا يتابعهم أحد. ترامب أيضاً أقام دعاوى قضائية ضد منتقديه مطالباً بعشرات الملايين من الدولارات كتعويض، الأمر الذي أخاف بعض مؤسسات الإعلام واضطرها إلى دفع أموال ضخمة له لتسوية القضايا دون اللجوء للقضاء. أما الوسيلة الأهم، فهي من خلال لجنة الاتصالات الفيدرالية.. التى تراقب عمل وسائل الإعلام، ومن صلاحيتها سحب تراخيص عمل القنوات. 

رئيس اللجنة – الذي عيَّنه ترامب – هدَّد قناة «إيه بي سي» بأنها إذا لم تعاقب المذيع الكوميدي جيمي كيميل، الذي اتهم حركة «لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً».. باستغلال اغتيال كيرك سياسياً، فإنه سيتصرَّف. خضعت القناة فوراً، وأوقفت برنامج كيميل.. لأجل غير مسمى. شركات الإعلام المالكة للقنوات والصحف الأمريكية لا تريد إثارة مشاكل مع ترامب، وتمارس معه سياسة «المهادنة». وصل الأمر إلى مجالات بعيدة عن الإعلام. شركة يونيليفر العملاقة للسلع الاستهلاكية، والتي تمتلك شركة «بِن آند جيري» لإنتاج الآيس كريم، تهدَّدت برفع دعوى قضائية ضدها، إذا طالبت بوقف النار في غزة، مما اضطر رئيس «بن آند جيري» للاستقالة.. قائلاً: إن هناك مسؤولية اجتماعية وإنسانية للشركة.

هناك فيلم أمريكي جرى إنتاجه عام 1985، عنوانه: «إذا أعطيت فأراً كعكة، سيكون للفأر مطالب أخرى». ترامب يعامل شركات الإعلام بهذا الأسلوب. لن يتوقف حتى إسكات الأصوات المعارضة له. تستحق الحرب التي أعلنها ترامب على الإعلام الأمريكي المتابعة والرصد لأن تداعياتها ستكون لها عواقب خطيرة على حرية التعبير في العالم.

نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة