عبد القادر شهيب
سهل جداً حبس أي صحفي، ولكن صعب جداً الآن حبس صحيفة!
فإن حبس الصحفي، ما زالت تتيحه مواد في القوانين.. لم يتم تغييرها، رغم توالي الوعود بذلك من أولي الأمر.. أما حبس صحيفة أو إغلاقها فإنه أمر صعب، لأن زمن إغلاق ومصادرة الصحف – الذي عشناه خلال عهد السادات – قد ولى وانقضى، وعهد مبارك بعده.. لم يفعلها إلا في مرات قليلة جداً، وبشكل محدود.
ولعل ذلك أحد أسباب تراجع وزارة النقل.. عن تقديم بلاغات للنيابة ضد فيتو، والاكتفاء بالشكوى إلى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام. فحتى لو تم حبس الزميل والصديق عصام كامل – رئيس التحرير – فإن «فيتو» كانت سوف تستمر في الصدور؛ لتكشف الأخطاء، وتمارس حقها المشروع.. في ممارسة النقد، الذي يستهدف إصلاح العيوب.
وحتى حبس رئيس التحرير.. كان أيضاً غير مضمون، إذا لجأت وزارة النقل للنيابة.. لأنها لم تمتنع عن نشر رد لوزارة النقل، على المعلومات التي تخصها.. في موضوع جمهورية المستشارين؛ رغم أنه حق أصيل لها، يضمنه القانون ونقابة الصحفيين.. وأيضًا المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.
كما أن مجرد التلويح ببلاغ للنيابة، أثار استهجاناً واسعاً.. كان مرشحاً للتصاعد في الوسط الصحفي، وأعتقد أننا في غنى الآن – في ظل ظروف بلدنا – عن حدوث صدام بين الصحافة والسلطة التنفيذية..
بل إن ما حدث، كان عكس ما كان يريده الذين لوَّحوا بذلك..
فقد اكتسبت الجريدة دعاية كبيرة، وتعاطفاً واسعاً.. هي ورئيس تحريرها، ومن شارك في كتابة جمهورية المستشارين.. وسهَّل رصد ذلك في أروقة نقابة الصحفيين، وتجمعاتهم وجروباتهم الإلكترونية. وساعد على ذلك شكوى الوزارة للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، التي تطوع العديد من المحامين لمرافقة رئيس التحرير.. عندما يستدعيه المجلس للتحقيق فيها.
أما وزارة النقل.. فهي لم تكسب شيئاً؛ سواء بتلويحها الأول باللجوء للنيابة، أو بالشكوى للمجلس للأعلى لتنظيم الإعلام.. الذي لا يعاقب الصحفيين، لأن ذلك حق أصيل لنقابة الصحفيين.. كان يحترمه الرئيس الأول – المؤسس للمجلس – الأستاذ مكرم محمد أحمد رحمه الله.
بل إن الحكومة كلها خسرت، وبدت أنها لا تستجيب لتوجيهات الرئيس السيسي؛ خاصة ما يتعلق بإتاحة تداول المعلومات.
حرية الصحافة.. ليست مجرد شعار نردده، وتزين به مطبوعاتها، وإنما هو ممارسة حقيقية، تلتزم فيها السلطة التنفيذية.. باحترام حق الصحفيين في النقد. ويلتزم فيها الصحفيون بتحري الحقيقة. ولعل ما حدث لفيتو مؤخراً ينبهنا لذلك.
إن «فيتو» صدرت في بداية عام 2012، لتناقض حكم الإخوان الفاشي المستبد، ونجحت – بمشاركة صحفية واسعة – في فضحهم.
ولذلك، ليس مقبولاً ما حدث معها مؤخراً. وسوف تظل «فيتو» – تحت قيادة الزميل والصديق عصام كامل – تُمارس حقها في النقد.. لإصلاح أحوالنا جميعاً.
نقلاً عن «فيتو»