نشر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء تقريرًا جديدًا، يسلط الضوء على الجهود التي تبذلها الدولة المصرية لتوطين وتعميق الصناعة الوطنية، في إطار الاستراتيجية الوطنية للصناعة 2030. وأكد التقرير أن الدولة عملت خلال العقد الماضي على تحقيق تنمية صناعية شاملة، إدراكًا منها بأن الصناعة تمثل قاطرة التنمية المستدامة ومحركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي.
نقلة نوعية في القطاع الصناعي
ووفقًا للتقرير، شهدت مصر تقدمًا ملحوظًا في مؤشر تنوع الصناعات المحلية الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، حيث ارتقت 11 مركزًا عالميًا، لتحتل المرتبة 34 في عام 2024 مقارنة بالمركز 45 في 2021. كما أشار التقرير إلى إشادة المؤسسات الدولية بقدرة القطاع الصناعي المصري على التوسع والتحديث، إذ أكدت وكالة “فيتش” أن المنتجات المصنعة محليًا باتت أكثر تنافسية عالميًا، مما جذب العديد من الشركات لتوسيع أنشطتها الصناعية في مصر.
من جهتها، أوضحت “Oxford Business Group” أن الحكومة المصرية تركز على التوطين الصناعي والتخصص في قطاعات محددة، مستفيدة من موقع مصر الجغرافي وتكاليف العمالة التنافسية. كما أكدت “منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية” أن القطاع الصناعي المصري يواصل تحقيق نمو قوي، مدعومًا بالاستثمارات المستمرة والمبادرات الحكومية.
مؤشرات أداء الصناعة في أرقام
كشف التقرير عن تحقيق معدلات نمو غير مسبوقة في القطاع الصناعي، حيث سجل قطاع الصناعات التحويلية غير البترولية معدل نمو بلغ 7.1% خلال الربع الأول من العام المالي 2024/2025، مقارنة بـ 1.2% في الفترة نفسها من 2013/2014. كما ارتفعت الصادرات الصناعية بنسبة 73.8%، لتصل إلى 32.5 مليار دولار في 2023/2024، مقابل 18.7 مليار دولار في 2013/2014.
وفيما يخص الاستثمارات، أوضح التقرير أن الاستثمارات العامة المنفذة في قطاع الصناعات التحويلية غير البترولية شهدت قفزة كبيرة بنسبة 205.8%، حيث سجلت 15.9 مليار جنيه في 2023/2024، مقارنة بـ 5.2 مليار جنيه في 2013/2014. كما ارتفع عدد المناطق الصناعية في مصر بنسبة 21.5%، ليصل إلى 147 منطقة صناعية في 2024، مقارنة بـ 121 منطقة في 2014.
إجراءات داعمة لتعزيز الصناعة
تطرق التقرير إلى القرارات والمبادرات التي اتخذتها الدولة لدعم القطاع الصناعي، أبرزها إطلاق الاستراتيجية الوطنية للصناعة (2024-2030)، والتي تستهدف زيادة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 20% بحلول 2030، مقارنة بـ 14% حاليًا. كما تم إطلاق الخطة العاجلة للنهوض بالصناعة عام 2024، التي تقوم على 7 محاور رئيسية.
ومن بين الإجراءات المهمة التي أشار إليها التقرير، تأسيس المجلس التنفيذي لإحلال الواردات وتعميق المنتج المحلي عام 2021، وقرار خفض ضريبة الوارد عام 2022 على أكثر من 150 صنفًا من مستلزمات ومدخلات الإنتاج، فضلًا عن توفير 152 فرصة استثمارية في مختلف القطاعات الصناعية.
مبادرات لتعزيز الاستثمار الصناعي
استعرض التقرير عددًا من المبادرات الرامية إلى دعم القطاع الصناعي، ومنها مبادرة تمويل المستثمرين الصناعيين لعام 2024، التي خصصت 30 مليار جنيه كتمويلات تسهيلية للقطاع الخاص لشراء الآلات والمعدات وخطوط الإنتاج، مع التركيز على سبعة قطاعات صناعية رئيسية، تشمل الصناعات الدوائية، والصناعات الغذائية، والملابس، والغزل والنسيج.
كما أشار التقرير إلى مبادرة وزارة البترول والثروة المعدنية، التي تستهدف تيسير سداد مديونيات الغاز للمستثمرين الصناعيين، حيث تم السماح بسداد حد أدنى من قيمة المتأخرات دون فوائد، مما يخدم نحو 1700 عميل صناعي، يمثلون 50% من إجمالي المستهلكين الصناعيين للغاز.
وفي السياق ذاته، تواصل الدولة دعم المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية “ابدأ”، والتي تهدف إلى تعزيز الصناعات الوطنية وتقليل الاعتماد على الواردات، من خلال تشجيع القطاع الخاص على توطين الصناعات الاستراتيجية.
مدن صناعية متكاملة لدعم التنمية
سلط التقرير الضوء على أهم المدن الصناعية التي أنشأتها الدولة لتوفير بيئة متكاملة للصناعة، ومنها مدينة الجلود بالروبيكي، التي تمتد على مساحة 506 أفدنة، وتضم 213 مصنعًا في مرحلتها الأولى، و135 مصنعًا في المرحلة الثانية، و43 مصنعًا جاهزًا بالمرحلة الثالثة.
كما أشار التقرير إلى مدينة الدواء “جيبتو فارما”، التي تُعد أكبر صرح لصناعة الأدوية في الشرق الأوسط، وتستهدف إنتاج 150-200 مليون عبوة سنويًا، لتعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي لصناعة الدواء.
أما مدينة الصناعات الغذائية “سايلو فودز”، فقد تم إنشاؤها على مساحة 17 فدانًا، بطاقة إنتاجية تصل إلى 750 ألف طن سنويًا، بهدف دعم منظومة التغذية المدرسية، وتوفير السلع الغذائية الأساسية بجودة عالية وأسعار تنافسية، فضلًا عن تعزيز الصادرات الغذائية.
أكد التقرير أن جهود الدولة المصرية في تطوير القطاع الصناعي تحقق نقلة نوعية في الاقتصاد الوطني، من خلال توطين التكنولوجيا، وتعزيز القدرة التنافسية، وفتح أسواق جديدة للصادرات، بما يرسخ مكانة مصر كمركز صناعي إقليمي وعالمي.