عبدالله عبدالسلام..
«جامعاتنا – التي كانت عظيمة في السابق – تخوض الآن سباقا نحو القاع».. هذه العبارة لم ترد على لسان أي مسؤول عن التعليم العالي عندنا، لأن جامعاتنا – في اعتقادهم – تعيش عصرها الذهبي. لا يكاد يمر شهر – أو أقل – حتى يتم إدراج عدد كبير منها.. ضمن التصنيفات الجامعية الدولية الشهيرة؛ مثل «تايمز»، و«شنغهاي» وغيرهما؛ مما يعكس «الطفرة غير المسبوقة في التعليم الجامعي، وجودة التعليم والأبحاث، وزيادة عدد الجامعات، وزيادة التمويل».
صاحبة العبارة السابقة.. هي الكاتبة البريطانية كاميلا توميني، التي قالت إن أعرق الجامعات البريطانية، تلجأ حالياً.. إلى التقليل من المعايير الصارمة – التي تتبناها – لتخفيف العبء عن الطلاب. وضربت توميني – في مقال بصحيفة «الديلي تليجراف» – مثالاً بجامعة كامبردج، التي تتجه للتوقف عن إبلاغ الطلاب بدرجاتهم.. مقارنة بزملائهم، وهو التقليد المعمول به منذ 1748. والسبب، أن إدارة الجامعة لا ترغب في إثارة الطلاب ضد بعضهم البعض. الجامعة تريد أيضاً.. مواجهة ثقافة الإفراط في المذاكرة، مما يؤثر على رفاهية الطلاب. وتتساءل الكاتبة: أليس التعب مطلوباً للنجاح والتفوق.. فيالمؤسسات الأكاديمية المرموقة؟
الجامعات البريطانية أيضاً.. ألغت المحاضرات في نهاية الأسبوع، وقصرت التدريس اليومي على الفترة من 8 صباحاً حتى 8 مساء. بسبب هذا التساهل وأمور أخرى، أصبح الحصول على شهادة جامعية من كامبردج.. أسهل بكثير مما كان عليه قبل 30 عاماً. كما أن نسبة من حصلوا على أعلى الدرجات – في نفس الجامعة – ارتفعت إلى 35٪ حالياً مقابل 15٪ فقط في التسعينيات. النسبة زادت في الجامعات البريطانية الأخرى من 15.4٪ عام 2010 إلى 33٪ عام 2022.
ونقلت الكاتبة عن أستاذ للرياضيات بكامبردج.. قوله: «تضخم الدرجات يعني انخفاض التحصيل الدراسي». يأتي ذلك، وسط اتهامات لإدارة جامعة كامبردج.. بالفشل في معالجة انتشار التنمر والتحرش فيها.
أما نحن، ففي ظل حالة الرضا الذاتي.. لدى قياداتنا الجامعية، ينعدم– تقريباً – النقاش الحقيقي والعلني.. بشأن مشاكل تعليمنا الجامعي. لم نعرف هل عالجت جامعاتنا أزمة التراجع الحاد فيأعداد الحاصلين على درجات فوق البكالوريوس والليسانس – طبقاً لما أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عام 2023- من أن عدد الحاصلين على الدكتوراه عام 2021 انخفض بنسبة 93٪ مقارنة بعام 2016. لم تبرر الجامعات أسباب الزيادة في تكاليف الدراسات العليا الباهظة، التي تحرم خريجين واعدين من مواصلة الدراسة؟ وما حقيقة ما قاله النائب البرلماني عبدالمنعم إمام.. من أن هناك مناهج تعود إلى عام 1965، لايزال يتم تدريسها، بالإضافة إلى قضايا عديدة أخرى مسكوت عنها.
وبمناسبة بريطانيا، يدور حالياً نقاش حول التحديات التي تواجه التعليم الدولي البريطاني في الخارج، بعد أن كشفت السنوات الماضية عن مدى هشاشة التعامل.. مع أول استراتيجية للتعليم الدولي البريطاني، الصادرة عام 2019. يتساءل المختصون عن أسباب فشل الحكومات المتعاقبة والجامعات.. في تبني آلية للتنفيذ، في ضوء تراجع عدد الطلاب الأجانب الراغبين في الدراسة ببريطانيا، وضرورة البحث عن أسواق جديدة.
في مقابل ذلك، من يتابع أخبار الجامعات المصرية.. ينتابه شعور بأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان. كل شيء تمام.
نقلاً عن «المصري اليوم»