شهد الجنيه المصري خلال الأسابيع الأخيرة هبوطًا غير مسبوق أمام الدولار، حيث تجاوز حاجز 50 جنيهًا للدولار الواحد، ليسجل مستويات تاريخية من التراجع وسط ضغوط متزايدة على العملة المحلية. ورغم هذه المؤشرات السلبية، توقعت مجموعة “غولدمان ساكس” أن يبدأ الجنيه رحلة تعافٍ تدريجي بحلول أوائل عام 2025، مع تراجع تدفقات المحافظ الموسمية إلى الخارج، التي شكلت ضغطًا كبيرًا على سوق الصرف المصرية في الشهور الماضية.
وفقًا لتقارير اقتصادية نُشرت مؤخرًا، فإن التراجع الأخير للجنيه المصري يأتي مدفوعًا بزيادة عمليات استرداد أذون الخزانة قصيرة الأجل، والتي أصدرها البنك المركزي في وقت سابق من العام الحالي. وقد اختار المستثمرون الأجانب تصفية استثماراتهم هذه مع نهاية السنة المالية، لجني الأرباح، ما أدى إلى تقليص التدفقات المالية الداخلة إلى السوق.
ضغوط على العملة المحلية
أوضح فاروق سوسة، الخبير الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى “غولدمان ساكس”، أن هذه الموجة من التراجع ترتبط بزيادة كبيرة في عمليات استرداد الأذون، إلى جانب السياسات الحكومية التي سعت إلى إبقاء تكلفة الاقتراض منخفضة، مما أثر على جاذبية أدوات الدين المصرية. وأضاف أن هذه الظروف قلّلت من ترحيل المستثمرين لمراكزهم المالية إلى المستقبل، ما ساهم في زيادة الطلب على الدولار وتفاقم الضغوط على الجنيه.
تقرير لوكالة “بلومبرغ” أشار إلى أن التراجع الأخير للجنيه يعكس مرونة أكبر في سياسة سعر الصرف التي تتبعها السلطات المصرية. فقد تراجعت العملة إلى 50.8 جنيهًا للدولار في الأسواق الخارجية، الخميس الماضي، وهو أحدث انخفاض ضمن سلسلة هبوط استمرت قرابة ستة أسابيع.
توقعات بعودة الاستقرار
تُشير التوقعات إلى أن بداية العام المقبل قد تحمل تغييرات إيجابية بالنسبة للجنيه المصري. ويُعزى هذا التفاؤل إلى احتمالية تراجع الضغوط الناتجة عن تدفقات المحافظ الموسمية مع انتهاء استحقاقات أدوات الدين قصيرة الأجل. كما يتوقع أن يلجأ البنك المركزي المصري إلى خفض أسعار الفائدة القياسية في الربع الأول من عام 2025، مما سيشجع على توسيع إصدارات سندات الخزانة طويلة الأجل.
وبحسب سوسة، فإن هذه الخطوات ستوفر للمستثمرين فرصًا جديدة للعودة إلى السوق المحلية، ما قد يدعم الجنيه ويعزز استقراره تدريجيًا.
رغم التحديات الراهنة، لا تزال السوق المصرية تحظى بجاذبية لدى المستثمرين الدوليين. تقرير حديث لبنك “إتش إس بي سي” أظهر أن مصر تعد السوق الأكثر شعبية بين المستثمرين المتفائلين في منطقة الشرق الأوسط. وأرجع التقرير هذا التفاؤل إلى العائد المرتفع الذي تقدمه أدوات الدين المصرية، والذي يصل إلى نحو 30%، مما يجعلها وجهة جذابة رغم ضعف السيولة الأجنبية.