دخلت أسعار النفط في حالة من التقلب الحاد مؤخراً، حيث تأثرت بشدة بالسياسات التي تنتهجها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. فقد تراجعت الأسعار في ظل التحديات التي تفرضها الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، إضافة إلى تأثير الرسوم الجمركية التي تهدد بتقليص الطلب على النفط في وقت يعاني فيه الاقتصاد العالمي من ركود محتمل. وفي المقابل، تلوح في الأفق تهديدات عقوبات أميركية جديدة على النفط الإيراني، ما قد يعزز الأسعار نتيجة للمخاوف من نقص الإمدادات.
ارتفاع أسعار النفط وسط ضغوط متزايدة
شهدت أسعار النفط تقلبات ملحوظة خلال الأيام الماضية، حيث ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت تسليم يونيو بنسبة 0.2% لتصل إلى نحو 65 دولاراً للبرميل. بينما صعدت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط تسليم مايو بنحو 0.3% إلى مستويات 62 دولاراً للبرميل. وفي نهاية الأسبوع الماضي، سجل خام برنت ارتفاعاً بمقدار 1.43 دولاراً أو 2.26%، ليغلق عند 64.76 دولاراً للبرميل، في حين صعد خام غرب تكساس الوسيط 1.43 دولاراً أو 2.38% ليصل إلى 61.50 دولاراً للبرميل.
الحرب التجارية وتهديدات الركود العالمي
منذ بداية أبريل، شهدت أسعار النفط تراجعاً ملحوظاً، حيث فقد الخامان ما يقارب عشرة دولارات للبرميل. هذا التراجع جاء بالتزامن مع تصعيد الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، والتي أثرت بشكل سلبي على توقعات النمو الاقتصادي العالمي. ومع خفض التوقعات المستقبلية للنمو، زادت المخاوف من تباطؤ الطلب على النفط، مما أضاف المزيد من الضغط على الأسعار.
توقعات قاتمة بشأن أسواق النفط
في ظل هذه الأوضاع المتقلبة، توقعت شركة غولدمان ساكس أن خام برنت سيظل مستقراً عند مستويات متدنية تبلغ 63 دولاراً للبرميل خلال باقي العام، بينما يتوقع أن يسجل خام غرب تكساس الوسيط 59 دولاراً للبرميل. وبالنسبة لعام 2026، توقعت الشركة أن يتراجع خام برنت إلى 58 دولاراً للبرميل، بينما يتوقع أن يصل سعر خام غرب تكساس إلى 55 دولاراً للبرميل.
دور العقوبات الأميركية في دعم أسعار النفط
في المقابل، تظل العقوبات الأميركية على بعض الدول المنتجة للنفط عامل دعم للأسعار. فقد أعلن وزير الطاقة الأميركي كريس رايت أن الولايات المتحدة قد توقف صادرات النفط الإيراني كجزء من خطة للضغط على طهران بشأن برنامجها النووي. كما عادت العقوبات على النفط الفنزويلي لتعزز أسعار النفط، بعد أن تم تعليق تصاريح التحميل من قبل شركة “بتروليوس دي فنزويلا”، ما أدى إلى تعطيل إمدادات النفط الخام.
منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني في 2018، فرضت إدارة ترامب قيوداً صارمة على صادرات النفط الإيراني، والتي كانت قد ارتفعت في عهد الرئيس السابق جو بايدن. وبعودة ترامب إلى البيت الأبيض في 2025، استأنفت الولايات المتحدة تشديد العقوبات على إيران، ما أثر بشكل كبير على قدرتها على تصدير النفط. هذه السياسات، رغم تأثيرها على الإمدادات الإيرانية، قد تكون مصدراً من مصادر دعم الأسعار في الأسواق العالمية.
التعاون مع أوبك+ وزيادة الإمدادات
في إطار سياسة الطاقة الأميركية، أشار وزير الطاقة الأميركي إلى أن الولايات المتحدة لا تنسق بشكل مباشر مع تحالف “أوبك+” بشأن قرار زيادة الإمدادات، لكنه أكد وجود علاقات وثيقة مع حلفاء واشنطن في الخليج. وأكد أن هناك توافقاً حول ضرورة زيادة الإمدادات العالمية من النفط لتلبية احتياجات السوق. ويُذكر أن ترامب كان قد دعا في وقت سابق منظمة “أوبك” والسعودية إلى خفض أسعار النفط في إطار محاولاته للحد من ارتفاع الأسعار.
رغم التحديات الحالية، يعتقد بعض الخبراء أن أسعار النفط ستتحسن على المدى الطويل، متوقعين أن تخف المخاوف المتعلقة بالنمو الاقتصادي وأن تعود الأسواق إلى استقرار نسبي. ومع توقعات ببقاء الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة مشتعلة لفترة، تبقى العقوبات المفروضة على إيران وفنزويلا محركاً أساسياً للأسعار في المستقبل.