Times of Egypt

تعازي وأماني!

M.Adam
أمينة خيري  

أمينة خيري

أسهل شيء هو أن «نمسك في خناق» أي أحد، ونحمله المسؤولية من ألفها إلى يائها. فعلنا هذا أيام الرئيس السابق الراحل مبارك، ومستمرون على النهج الآن، وعلى الأرجح فعلنا مثله أيام الرئيسين الراحلين السادات وعبد الناصر، ولكن في ملفات أخرى. بالطبع لم تعجبني أغلب التصريحات والشروح والتفسيرات، وكذلك الحلول «الرسمية». الثقة في النفس والحديث عن القدرات الخارقة.. للتقليل من فداحة أي حادث – مهما كان مروعاً – لها آثار عكسية خطيرة.

المسؤول عن الحادث قد يكون شخصاً تعاطى مخدراً، أو أرعن، أو مهملاً. إنها المسؤولية الجنائية المباشرة. أما المسؤولية الأكبر والأفدح والأخطر، فتكمن في المصدر الرئيسي الذي يتغاضى عن عوامل استدامة الحوادث.

دعونا ننظر فيما يحدث عقب كل حادث – لا سيما تلك الحوادث التى تحصد حياة العشرات – (وإن كان الحادث الذي يصيب قطة يظل مروعاً)؟ 

بعد رفع آثار الحادث، وعودة الحركة المرورية إلى طبيعتها، وتقديم التعازي، وصرف التعويضات، وتقديم رحلات الحج والعمرة إلى أهل الضحية، وربما تخصيص شقة في المحافظة لهم، هل يتم النظر في أسباب الحادث والجهات المسؤولة عنه؟ وفي حال تم النظر، هل يتم اتخاذ خطوات سريعة ومدروسة ومستمرة لعلاج الأسباب جراحياً، ثم العمل على تجذير منهج تعامل يضمن تقليل التكرار قدر الإمكان؟ أم نكتفي بشق التعازي والأماني؟ 

أقولها بكل ثقة، نكتفي بالأخيرة.

كفاءة الطرق، ومدى مطابقتها للمواصفات.. من وجهة نظر إنشائية وهندسية، يفترض أنها أمر مفروغ منه، وإن لم يكن كذلك، فيجب أن يكون. اتساع الطرق، وتحويل الطريق الواحد من حارتين إلى 17 حارة.. ليس ميزة في مصرنا العزيزة، بل هو تعظيم لفرص وقوع الحوادث.. في ظل غياب شبه تام للثقافة المرورية، مصحوباً بوهن شديد في تطبيق القوانين. ولا أقصد بتطبيق القوانين مصادرة عشرات التكاتك، ورفع مئات الموتوسيكلات، وتحرير آلاف المحاضر للوقوف في الممنوع.

أقصد تطبيق القانون بصرامة؛ بدءاً من اختبار القيادة، ومن يحصل على رخصة ومن لا يحصل، مروراً بتطبيق قوانين السير.. على مجانين السير (السير العكسي، والمتعدي للسرعات، وفي خطوط متعرجة… إلخ)، وانتهاء باستدامة التطبيق 24/7. 

وتطبيق القوانين يشمل استئصال الاستثناءات؛ سواء كانت السيارة المخالفة يملكها أمين شرطة، أو وزير، أو خفير. وأضيف استفساراً.. حول مدى قانونية قيادة شخص ملثم أو سيدة منتقبة لسيارة! ولمن لا يعلم، مواقف الميكروباصات العشوائية في كل مكان، عبور المواطنين الطرق السريعة سمة من سمات الحياة اليومية، الوقوف الخاطئ أمر طبيعي، وأحياناً برعاية من هو منوط به تطبيق القانون، تحميل وتنزيل الركاب – في مطالع ومنازل الكباري – مستمر، قيادة الأطفال للسيارات والموتوسيكلات والبيتش باجي، لا سيما في التجمعات العمرانية الجديدة، مشهد طبيعي. تطبيق القوانين لا يتم بالمناشدة، ولا عبر مكبرات الصوت في المساجد. تطبيق القوانين طريقة حياة، وعكسها ما نحن فيه.

الحديث عن حوادث السير القاتلة، وإمكانية منعها لا يجعل المتحدث خائناً، أو عميلاً، أو جاحداً.

نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة