خرج متظاهرون الأحد إلى الشوارع في كل أنحاء إسرائيل مطالبين بإنهاء الحرب وإبرام اتفاق لإعادة الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، بالتزامن مع التحضيرات الإسرائيلية الجارية لعملية عسكرية جديدة للسيطرة على مدينة غزة.
وجاءت الاحتجاجات بعد أكثر من أسبوع من موافقة المجلس الأمني في إسرائيل على خطط للسيطرة على مدينة غزة ومخيمات للاجئين في ظل حرب مدمرة وحصار مستمران منذ 22 شهرا.
ومن بين 251 رهينة تم احتجازهم خلال هجوم العام 2023، لا يزال 49 في غزة، 27 منهم يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.
وفي ميدان الرهائن في تل أبيب الذي أصبح رمزا للاحتجاجات خلال الحرب، رُفع مساء السبت علم إسرائيلي ضخم وصور للرهائن المحتجزين في قطاع غزة.
وأغلق المتظاهرون طرقا رئيسية في المدينة من بينها الطريق السريع الذي يربط تل أبيب بالقدس، وأشعلوا إطارات متسببين باختناقات مرورية وفقا لوسائل إعلام محلية.
ودعا المتظاهرون ومنتدى عائلات الرهائن والمحتجزين إلى إضراب شامل في كل أنحاء إسرائيل. واستجابت محلات تجارية في كل من القدس وتل أبيب للدعوة وأغلقت أبوابها.
وقال دورون ويلفاند (54 عاما) خلال تظاهرة في القدس “أعتقد أن الوقت حان لإنهاء الحرب، حان الوقت لتحرير الرهائن ومساعدة إسرائيل على التعافي والوصول إلى شرق أوسط اكثر استقرارا”.
وجاء في بيان لمنتدى عائلات الرهائن والمحتجزين الأحد “مئات الآلاف من المواطنين الإسرائيليين سيوقفون اليوم (الأحد) العمل في البلاد بنداء واحد واضح: إعادة الخمسين رهينة، وإنهاء الحرب”.
وبالإضافة إلى 49 رهينة محتجزين منذ هجوم حماس، يطالب المتظاهرون باستعادة جثمان جندي قُتل في العام 2014 ومحتجز لدى حماس.
ومن المتوقع في وقت لاحق الأحد إقامة خيمة احتجاج قرب الحدود مع قطاع غزة. وتعهد المنتدى “تصعيد نضالنا وفعل كل ما بوسعنا لإعادة أحبائنا”.
– “ابقَ قويا” –
مطلع الشهر الجاري، أثارت ثلاثة فيديوهات نشرتها حماس والجهاد الإسلامي تظهر الرهينتين روم براسلافسكي وإفياتار دافيد، نحيلين ومتعبين، حالة تأثّر كبيرة في إسرائيل وأجّجت الدعوات لضرورة التوصّل إلى اتفاق في أسرع وقت ممكن للإفراج عن الرهائن.
وأفادت مصر أخيرا بأن الوسطاء يحاولون الدفع نحو إبرام اتفاق هدنة لمدة 60 يوما تشمل الإفراج عن الرهائن بعد فشل جولة المفاوضات الأخيرة في قطر في إحراز تقدم.
وقالت فيكي كوهين وهي والدة الرهينة نمرود كوهين على منصة إكس مخاطبة ابنها “آمل بأن تتمكن من مشاهدة وسائل الإعلام في مكان ما في الأنفاق، وأن ترى كيف يوقف شعب إسرائيل حياته اليوم من أجلك ومن أجل الرهائن” مضيفة “ابقَ قويا”.
وفي تل أبيب، وصل الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ إلى أحد التجمعات الاحتجاجية وأكد “نريد عودتهم (الرهائن) في أسرع وقت ممكن”، داعيا إلى ممارسة مزيد من الضغط الدولي على حماس.
وتواجه هذه التظاهرات معارضة اليمين المتطرف في إسرائيل لا سيما وزراء في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو التي ينظر إليها على أنها الأكثر يمينية في تاريخ الدولة العبرية.
صباح الأحد، هاجم وزير المال اليميني المتطرف بتسلئيل سموطريتش التظاهرات وقال “يستيقظ شعب إسرائيل هذا الصباح على حملة مشوهة وضارة تخدم مصالح حماس التي تخفي الرهائن في الأنفاق وتسعى لدفع إسرائيل إلى الاستسلام لأعدائها وتعريض أمنها ومستقبلها للخطر”.
أما وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير فاعتبر أن الدعوة إلى الإضراب “فشلت”.
ورأى في منشور عبر تلغرام أن الإضراب “يقوي حماس ويستبعد إمكان عودة الرهائن”.
في المقابل، رفض زعيم المعارضة في إسرائيل يائير لبيد اتهامات الوزيرين وخاطبهما متساءلا “الا تخجلان؟ لا أحد عزز (من وجود) حماس أكثر منكم”. واعتبر أن “الشيء الوحيد الذي سيُضعف حماس هو إسقاط هذه الحكومة الفاسدة والفاشلة”.
إلى ذلك، عززت الشرطة الإسرائيلية قواتها في أنحاء إسرائيل وقالت إنها لن تتسامح مع أي “إخلال بالنظام العام”.
وقالت في بيان إنها أوقفت “32 شخصا بعد الإخلال بالنظام العام”.
– “كارثة أكبر” –
وأظهرت لقطات لوكالة فرانس برس متظاهرين في كيبوتس (تجمع تعاوني) بئيري قرب الحدود مع قطاع غزة والذي كان من بين التجمعات التي طالها هجوم حماس.
وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية امتداد الاحتجاجات إلى مواقع عدة في إسرائيل.
وكان قرار إسرائيل توسيع عملياتها في الحرب قد واجه تنديدا دوليا ومعارضة داخلية أيضا بالإضافة إلى حالة من الرعب في صفوف سكان قطاع غزة.
حينها، ناشدت النازحة من غزة أمل حمادة العالم التحرك “قبل أن نُمحى عن الوجود”.
وقالت حمادة (20 عاما) “إذا بدأت عملية برية جديدة فستكون كارثة إنسانية أكبر”. وأكدت الشابة التي أنهكها النزوح “لم تعد لدينا طاقة للهروب أو النزوح أو حتى الصراخ”.
وحذّر خبراء أمميون من الجوع الذي بدأ يتكشف في القطاع في ظل سماح إسرائيل بدخول مساعدات إنسانية بطء وشحيح.
والسبت، قُتل 13 شخصا برصاص القوات الإسرائيلية قرب مركزين لتوزيع المساعدات الإنسانية في شمال القطاع وجنوبه.
والأحد، أكد الدفاع المدني مقتل 18 فلسطينيا على الأقل وإصابة العشرات بنيران الجيش الإسرائيلي وفي غارات شنها الطيران الحربي على قطاع غزة.
واندلعت الحرب في القطاع إثر هجوم غير مسبوق لحماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 على جنوب إسرائيل، أسفر عن مقتل 1219 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات رسمية.
وأسفرت الهجمات والعمليات العسكرية الإسرائيلية منذ بدء الحرب عن مقتل 61897 شخصا على الأقل، غالبيتهم من المدنيين، بحسب وزارة الصحة التي تديرها حماس في قطاع غزة، وهي أرقام تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.