عمرو الشوبكي
تصريح السيناتور الجمهوري الأمريكي «ليندسي جراهام»، بأن هناك خطة «ب».. لنزع سلاح حزب الله بالقوة – في حال رفض تسليم سلاحه طواعيةً – يمثل تهديدا..ً سيُدخل لبنان في مواجهة أهلية، في حال تنفيذه.
أهمية – وربما بريق – الخبرة اللبنانية، يكمن في ديمقراطيتها التوافقية، وفي قبول التنوع الطائفي والسياسي. ومن عيوبها.. المواءمات المرتبطة بهذه الخبرة؛ التي عطلت تطبيق القانون، وتأسيس دولة المواطنة. لكن ظلت المواءمات الطائفية والمذهبية.. هي جوهر النظام اللبناني منذ نشأة البلد وحتى اللحظة.
والحقيقة أن السلم الأهلي – الذي تأسَّس في لبنان عقب اتفاق الطائف في 1989 – أنهى حرباً أهلية قاسية، وقنن التوافق بين الطوائف والمذاهب.. أكثر مما حاول ان يؤسس دولة قانون مدنية.. تساوي بين الجميع، رغم أنه اتخذ بعض الخطوات في هذا الاتجاه.
معضلة نظام المحاصصة اللبناني، أنه يقوم على المواءمة بين الطوائف. صحيح أنه جلب استقراراً نسبياً استمر لأربعة عقود، ولكنه أيضاً فتح الباب أمام التسيب والتساهل.. أمام حالات الفساد وسوء الاداء والإدارة والتدخلات الخارجية؛ لأنها ظلت غير قابلة للمساس بسبب التوازنات الطائفية الحاكمة.
لقد كان من نتائج الحرب الأهلية اللبنانية (1975).. تكريس معادلة الحزب المعبر عن طائفة؛ فكانت القوات اللبنانية وحزب الكتائب والتيار الوطني الحر معبرة بشكل أساسي عن الموارنة، وتيار المستقبل عن السنة، والحزب التقدمي الاشتراكي عن الدروز، وحركتا أمل وحزب الله عن الشيعة؛ فيما عرف بالثنائي الشيعي. صحيح ظلت هناك أحزاب يسارية وقومية وتجمعات ليبرالية وشخصيات مهنية عابرة للطوائف، إلا أن جوهر العملية السياسية والحزبية.. ظل مرتبطاً بشكل أساسي بالمحاصصة الطائفية والمذهبية.
والحقيقة ان أي تعديل في المعادلة اللبنانية، لن يكون فقط في مواجهة مشروع سياسي أو حزبي، إنما منظومة طائفية.. تتحكم في الطبقة السياسية اللبنانية، وتوزع على أساسها «الحصص».. إلى جمهور كل طائفة، وبالتالي فان موضوع سلاح حزب الله، يتجاوز مسألة سلاح حزب عقائدي، ليصل إلى بيئة اجتماعية حاضنة، وأفراد يحصلون على رواتب من وجودهم في الحزب.
ومن ثم، سيصبح السؤال: ما هي البدائل التي ستقدم لهم.. في حال سلموا سلاحهم، وكيف يمكن دمجهم في منظومة العهد الجديد؟
صحيح أن هناك بعض الشيعة يختلفون مع الحزب، وانتقدوه في حربه الأخيرة ضد إسرائيل، بل ان تصريحات زعيم حركة أمل ورئيس البرلمان اللبناني «نبيه بري».. مع حصر السلاح في يد الدولة، إلا أن الدخول في أي مواجهةً مسلحة مع حزب الله.. لإجباره على تسليم سلاحه، سيُحدث تعبئة مذهبية خلف الحزب.. من قطاع يعتد به من الجمهور الشيعي، بمن فيهم من يختلفون معه.
مرةً أخرى، لا يجب التخلي عن الهدف المشروع.. في حصرية السلاح في يد الدولة اللبنانية، ولكن يجب أن تتم هذه الخطوة بالتدريج، وبأدوات سياسية، وحلول اجتماعية واقتصادية.
نقلاً عن «المصري اليوم»