Times of Egypt

ترامب أم شي؟ تلك هي المسألة!

M.Adam
عبدالله عبدالسلام 

عبدالله عبدالسلام
لدينا زعيمان يحاولان – كل بطريقته – قيادة العالم.
ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ.
الصين استضافت خلال الأيام الماضية.. قمة «منظمة شنغهاي للتعاون»؛ بمشاركة 20 زعيماً.. استقبلهم
شي بود وحفاوة. تحدث عن التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاءـ وتحسين وتسهيل مناخ الاستثمار
والتجارة. دعا إلى نظام أكثر إنصافاً وعدلاً وزيادة تمثيل الدول النامية وهدم الحواجز والسعي للتقارب
وليس الانفصال. قرن كلامه بالفعل. قدم منحاً للدول الأعضاء بـ 280 مليون دولار، وقروضاً بقيمة 1,4
مليار دولار.
في المقابل، أصبح الذهاب إلى البيت الأبيض.. «تأديباً وتهذيباً، وربما إذلالاً».
خلال الفترة الماضية، قدم ترامب للعالم حروباً تجارية عالمية، وانسحابات من المنظمات الدولية،
وتقليصاً للمساعدات الخارجية، وتهديدات.. عبر وسائل التواصل.
تحاول دول العالم التقرب من أمريكا، لكن رئيسها يعامل زعماءها وحكوماتها.. باحتقار وتعالٍ وتنمر.
يريد فرض زعامته بالقوة، رغم أنه يقيم الحواجز بين أمريكا وبقية العالم. بينما يتهم الدول الأخرى بنهب
أمريكا، والاستفادة منها دون مقابل، بينما الزعيم الصيني – سواء كان في الأمر مبالغة أم لا – يفتح
ذراعيه.. مرحباً ومتضامناً وداعماً. ماذا تفعل لو كنت مكان أي من الزعماء.. الذين يتعرضون إلى نوبات
غضب وكراهية وحماقة ترامب؟
الهند نموذج ساطع.
منذ بداية القرن، بنت واشنطن استراتيجيتها على أساس رعاية هذه الدولة العملاقة في جنوب آسيا،
للوقوف في وجه الصعود الصيني. كانت القيادة الهندية تحظى بالأفضلية.. في الاتفاقيات الاقتصادية
والعسكرية والاستخباراتية. وجهة نظر الإدارات الأمريكية المتعاقبة، كانت أن الغرب يخسر كثيراً.. إذا
لم تكن أكبر دول العالم سكاناً وديمقراطية.. في صفه. جاء ترامب وسار لشهور قليلة على هذا المنوال،
وأقام صداقة مع رئيس الوزراء الهندي مودي – الزعيم الشعبي الذي يماثله في أمور كثيرة – لكنه انقلب

عليه فجأة. اتهمه باستيراد البترول الروسي.. في انتهاك للقرارات الأمريكية، فقرر رفع الرسوم الجمركية
على السلع الهندية إلى 50%. وجه اتهامات وشتائم عنصرية؛ واصفاً اقتصاد الهند بالميت وتهكم على
دعمها لمنتجاتها من ألبان البقر «المقدس».
وضع ترامب مودي.. أمام خيارين – كلاهما مر – الخضوع، أو مواجهة عواقب اقتصادية وخيمة؟
لم يكن أمام الزعيم الهندي سوى حفظ كرامة بلاده. تقارير غربية قالت.. إنه رفض 4 محاولات من
ترامب للحديث معه. الأهم، أنه توجه إلى الصين – العدو التقليدي – وفتح صفحة جديدة. أعاد التعاون الذي
توقف.. بعد اشتباكات 2022 الحدودية. وجد أن العلاقة مع بكين – التي تتصرف بعقلانية، ويمكن التنبؤ
بأفعالها – أفضل كثيراً من التعامل مع واشنطن.. التي تتصرف مثل ثور هائج؛ يدمر دون وعي.. كل ما
أمامه.
الصين تقدم نفسها.. باعتبارها قوة خيِّرة، غير متكبرة، ولا تسعى للهيمنة، بل تريد مد يد المساعدة
للجميع.. حتى لو كان ذلك فيه من الدعاية الكثير، إلا أن زعماء العالم يجدونه مقبولاً.. بل ومرحباً به.
لسنا في عالم «طوباوي». هناك قوة متغطرسة.. مستعدة لأن تدوس على من لا يسير في ركابها، وأخرى
لها مصالح أيضاً، لكنها تمارس سلوكاً.. يقوم على الاحترام والتعاون والمشاركة.
هذه لحظة تحول دولي هائلة. على الدول حسم خياراتها.
نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة