Times of Egypt

تبرعوا تصحوا! 

M.Adam
عبدالله عبدالسلام 

عبدالله عبدالسلام   

هل التبرعات والعمل الخيري.. مرتبطان بمجتمع دون آخر؟ ولماذا يتبرَّع الأثرياء في أمريكا بأرقام فلكية، بينما لا نكاد نقرأ خبراً عن الأمر نفسه عندنا؟ وما هو معدل تبرع الفرد في مصر.. بالقياس إلى نظيره في الدول الأخرى؟  

تبادرت إلى ذهني تلك التساؤلات، عندما قرأت تصريح بيل جيتس – رجل الأعمال الأمريكي ومؤسس «مايكروسوفت» – أنه سيتبرع بـ99% من ثروته، أي ما يعادل 200 مليار دولار في الـ20 سنة المقبلة. «جيتس» تبرَّع بالفعل بحوالي 100 مليار دولار.. عن طريق مؤسسته الخيرية؛ التي تأسست قبل 25 عاماً. لن يتبقى لجيتس (70 عاماً) إلا الأموال التي تساعده على العيش حياة كريمة ولائقة خلال ما تبقى من عمره. 

تراث تبرعات رجال الأعمال الأمريكيين للأعمال الخيرية.. ممتد، ليس فقط في أمريكا، بل في العالم أيضاً. جيتس ليس سوى أحدهم. هناك رواد أسسوا لذلك. مؤسستا.. كارنيجي، وروكفلر.. للأعمال الخيرية لا تزالان قائمتين. رجل الأعمال الشهير وارين بافيت (94 عاماً) من أكبر المتبرعين على الكوكب. الأثرياء الأمريكيون ينظرون بشكل مختلف إلى الثروة. بعضهم لا يشعر بالارتياح تجاهها، ويشعرون بأنها عبء لن يخف عنهم.. إلا بالتبرع ومساعدة المحتاجين. شعارهم مقولة أندرو كارنيجي – قطب الصناعة الأمريكي (1835-1919) – «الرجل الذي يموت بهذه الثروة، يموت خزياً». لكن تجميد إدارة ترامب المساعدات الإنسانية الدولية، جعل رجال الأعمال الأمريكيين.. يزيدون من تبرعاتهم عن الوتيرة العادية، في محاولة لسد الفجوة التي تركها القرار.  

دول أخرى – كبريطانيا – قلَّصت مساعداتها للتنمية الدولية أيضاً. المفارقة، أن رجال أعمال محيطين بترامب.. لا يؤمنون بالعمل الخيري ولا بالتبرعات. إيلون ماسك – الملياردير وصاحب شركة تسلا للسيارات الكهربائية ومستشار ترامب السابق – وصف الأعمال الخيرية بأنها.. «هراء». «ماسك» لم يتبرع بنسبة الـ 5% .. المطلوبة قانوناً للأعمال الخيرية. 

ليس هناك إجماع إذن.. بين الأثرياء الأمريكيين، على ضرورة التبرع بجزء من ثرواتهم في أعمال خيرية؛ سواء تعلقت بالصحة أو التعليم، أو مكافحة الفقر في العالم. لكن ذلك لا يعني غياب ثقافة العمل الخيري في المجتمع الأمريكي، والمجتمعات الغربية عموماً. هناك مناخ من الشفافية والمصداقية، يجعل المتبرع مطمئناً.. إلى أن ما يتبرع به، سوف يذهب إلى الغرض الذي يستهدفه.  

الأمر ليس عندنا كذلك. توجد قطيعة تاريخية.. بين كبار المتبرعين والمتبرعات في مصر، الذين ساهموا في إنشاء الجامعات والمستشفيات والمبرات الخيرية، وبين أثرياء الزمن الحالي. توجد علامات استفهام.. حول بعض الجهات التي تتلقى التبرعات. نسبة الفقر في المجتمع، وتدني الدخل، وعدم الاهتمام الإعلامي.. إلا خلال شهر رمضان. كل ذلك من بين أسباب تضاؤل حجم التبرعات عندنا.. مقارنة بمجتمعات أخرى. حسب تصريح لوزيرة التضامن السابقة نيفين القباج، تلقت الجمعيات الأهلية عام 2022.. منحاً وتبرعات بقيمة 9.5 مليار جنيه. 

بيل جيتس ووارين بافيت وأمثالهما.. لا يعتبرون التبرعات صدقة، بل حق المجتمع.. الذي لولاه لما نجحت أعمالهم وتوسعت. ثم إن لديهم حياة أخرى، يمكن أن يستمتعوا بها. لقد حقق معظمهم ملياراتهم وهم في سن صغيرة، ويريدون أن يتحرروا من وطأة الثروة. 

نقلاً عن «المصري اليوم« 

شارك هذه المقالة