أمينة خيري
كمٌ مذهلٌ من القضايا والموضوعات.. يستحق التفكير والكتابة، ولكن 400 كلمة تكفي بالكاد.. لعرض قضية أو التعبير عن وجهة نظر. كثرة الأحداث والحوادث.. هنا وهناك، تستدعي التفكير في الكثير، ولكن زحمة التفكير هذه.. أشبه بتدوينات السوشيال ميديا؛ تطالعها الواحدة تلو الأخرى، فتصاب بدوار؛ فلان رحل عن دنيانا. ابنتي نجحت في الثانوية العامة. اللي مركز معايا وفاكر إني عايشة عيشة هنية.. يتقي الله. أنا اتجوزت. شيماء اتطلقت. الثورة في سوريا نجحت.. والسوريون تحرروا أخيراً. سوريا وقعت، ولا حول ولا قوة إلا بالله. النهاردة حصل موقف مخيف وبشع.. وأحب أشاركه معكم، لأن إحنا خلاص ضعنا. مصر لسه فيها حاجات كثيرة حلوة.. الحمد لله.
وهلم جرا، وتخرج من مطالعة المحتوى.. وأنت في حاجة إلى أسبوع استشفاء.
ورغم ذلك، فأنا مضطرة لطرق باب مجموعة من المسائل. راغب علامة تم تقبيله على المسرح، ولأن كاميرات الهواتف المحمولة.. رصدت اللقطة، فقد أصبحت قضية رأي عام؛ بين شاجب مندد، وآخر معتبر ما حدث أمراً عابرًا. إلى هنا والمسألة عادية، أما أن تتدخل نقابات ومؤسسات، ويتم منع المطرب من الغناء في مصر.. فهذا «أمبيانس» عالٍ جدا. لا يليق إلا بأفلام الخيال غير العلمي. ومن الخيال الهزلي غير العلمي.. إلى الواقع العجيب الغريب. وما زالت الثانوية العامة وحشاً مفترساً، وبعبعاً جارحاً.. يفرض سطوته علينا، وعلى عقول وقلوب ومصائر الملايين.
ما كل هذه الأجواء المحمومة الملتهبة المحتقنة؟
لو كان الأمر بيدي، لاقترحت إضافة مادة إلى ميثاق العمل الصحفي، تعتبر حمى التقارير.. على باب لجنة الفيزياء والكيمياء والعربي والتاريخ، وإغماءات الطلبة، وصراخ الأهل.. خرقا لأخلاقيات العمل الصحفي؛ لأنها تساهم في المزيد من تأليه صنم الثانوية العامة. وبالمرة، سأضيف نصاً خاصاً بتصوير الجنازات والعزاءات، والمشهد المُخزي لركض شباب الصحفيين والصحفيات.. وراء فنان وفنانة.. على أمل رصد لقطة محرجة هنا، أو ملابس تسمح بالدق على نغمات وسخافات.. نعرفها جميعاً.
وما دمنا نتحدث عن المواثيق والأخلاقيات، ربما يجدر برؤساء التحرير أيضاً.. إعادة النظر في مقرر «إطلالة جريئة للفنانة فلانة».. لأنها بايخة جداً، ويعرف الجميع أنها تهدف إلى جذب فئتين: بقايا جمهور مطبوعات؛ مثل «طبيبك الخاص» و«الشبكة»، وغيرهما. ورافعو راية الفضيلة، والدفع بالمجتمع نحو نموذج أفغانستان، وأسميهم «المُطوّع الرقمي».
وعلى سيرة «الرقمي»، فقد هالني وصدمني – وبالطبع أغضبني – هذا الكم من تعليقات «المطوّعين» و«المطوّعات».. على صورة انتشرت على الـ«سوشيال ميديا»، يقول ناشرها إنها.. لعدد كبير من الشباب والشابات، الذين أقبلوا على دورة تعليم اللغة الهيروغليفية، وهو أمر – لو تدرون – عظيم وجميل ورائع. أما تعليقات المطوعين والمطوعات، فتدور في فلك: ولماذا أهدر وقتي في تعلم لغة ميتة، بينما قرآني يناديني؟ ولا أدرس سوى لغة ديني، وعلوم شريعتي.. لا من صنعوا الأصنام والعياذ بالله.
لو كان الأمر بيدي، لأعدت النظر في حكاية الكتاتيب، ووجهت أموالها لشراء «صنفرة».. لإنقاذ الهوية.
نقلاً عن «المصري اليوم»