Times of Egypt

بوتين يُصعّد شروطه للسلام: لا تراجع عن الأراضي.. والناتو في قلب المعركة الجيوسياسية

M.Adam
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

أكد مصدر مطلع أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يعد يُبدي مرونة بشأن التنازل عن أي أراضٍ تسيطر عليها قواته في شرق أوكرانيا، بل أصبح أكثر تمسكًا بموقفه المُعلن بشأن السيطرة الكاملة على المناطق الأربع التي أعلنت روسيا ضمها. وأضاف المصدر: “بوتين شدد من لهجته فيما يتعلق بالأراضي، ولم يعد يطرح خيارات وسطية”.

مطالب بوتين ورفض أوكراني

وكان بوتين قد كشف في يونيو الماضي عن ما وصفه بشروط مبدئية لإنهاء الحرب، مطالبًا كييف بالتخلي رسميًا عن سعيها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وسحب قواتها من جميع الأراضي التي تدّعي روسيا السيادة عليها. وتشمل هذه المناطق كامل إقليم لوهانسك، وغالبية دونيتسك وزابوريجيا وخيرسون، إضافة إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو عام 2014، وأجزاء من خاركيف وسومي، فضلًا عن تهديدات مستمرة في مناطق دنيبروبتروفسك.

الناتو في قلب المعادلة

الرؤية الغربية، بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، تعتبر أن التحركات الروسية محاولة لإعادة رسم حدود القارة بالقوة، وهو ما يصفه قادة غربيون – من بينهم الرئيس الأميركي السابق جو بايدن – بأنه “نموذج استعماري جديد”. وقد شدد هؤلاء مرارًا على ضرورة إلحاق الهزيمة بالقوات الروسية، معتبرين أن نجاح موسكو في أوكرانيا قد يفتح الباب أمام تهديد مباشر لدول الناتو.

أما بوتين، فينظر إلى الحرب باعتبارها لحظة فاصلة لإعادة التوازن بين روسيا والغرب، متهمًا حلف الناتو بانتهاك ما يعتبره ضمانات سابقة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، عبر التوسع شرقا وتجاهل مخاوف موسكو الأمنية.

جذور التوتر: من بوخارست إلى الحرب

التوتر بين موسكو والناتو ليس جديدًا، فقد تصاعد منذ إعلان قمة بوخارست في عام 2008 نية الحلف ضم أوكرانيا وجورجيا في المستقبل، وهي الخطوة التي اعتبرتها روسيا تهديدًا مباشرًا لنفوذها. وفي 2019، قامت أوكرانيا بتعديل دستورها لإدراج الانضمام للناتو والاتحاد الأوروبي كأهداف وطنية، ما زاد من حدة الصراع السياسي والعسكري لاحقًا.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بدوره، أشار إلى أن دعم واشنطن لانضمام أوكرانيا إلى الناتو كان أحد أسباب اندلاع الحرب، وأكد أن هذه العضوية “لن تتحقق”، بينما امتنعت وزارة الخارجية الأميركية عن التعليق.

ورقة الضمانات الأمنية

منذ أواخر عام 2021، قبل اندلاع الحرب بشهرين، طالبت موسكو الغرب باتفاق أمني مكتوب يمنع توسع الناتو ليشمل أوكرانيا. وضمن مقترح روسي قدم حينها، ورد بند صريح يطالب الحلف بعدم ضم أي أعضاء جدد في الشرق، وهو ما رفضته الولايات المتحدة، معتبرة أن ذلك يمنح موسكو حق “الفيتو” على قرارات الحلف السيادية.

في الوقت الحالي، تطالب روسيا بتعهد رسمي بعدم توسّع الناتو، مستندة إلى تصريحات قديمة أدلى بها وزير الخارجية الأميركي الأسبق جيمس بيكر عام 1990، والذي وعد الزعيم السوفيتي ميخائيل غورباتشوف، بحسب روايات روسية، بعدم توسع الحلف شرقًا بعد سقوط جدار برلين – وهي رواية تنفيها واشنطن.

الناتو يتمدد رغم التهديدات

على الرغم من التحذيرات الروسية، فقد دفعت الحرب الجارية دولًا أوروبية محايدة مثل فنلندا والسويد إلى التخلي عن حيادها التاريخي والانضمام إلى الناتو، في 2023 و2024 على التوالي. ويؤكد الحلف أن هدفه دفاعي بحت، نافياً وجود نوايا عدائية تجاه روسيا، إلا أن تقريره الصادر في 2022 صنف موسكو على أنها “التهديد الأكثر مباشرة وخطورة” للأمن الأوروبي.

مخاوف أوروبية من حرب أوسع

يحذر قادة أوروبيون من أن انتصار روسيا في أوكرانيا قد لا يكون نهاية المطاف، بل مجرد محطة في طريق أطماع أوسع قد تمتد نحو دول حليفة للناتو، وهو ما يثير القلق من سيناريوهات تصعيد قد تصل إلى حرب شاملة. روسيا من جهتها تصف هذه التحذيرات بالمبالغة، لكنها لا تخفي أن استمرار التصعيد العسكري قد يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة بأكملها.

شارك هذه المقالة