في جولة خاطفة للبحث في الوضع في سوريا بعد إطاحة الأسد، في مسعى أخير لحلحلة الوضع في المنطقة بعد سنة شهدت حروبا واضطرابات، توجه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الأربعاء إلى الشرق الأوسط.
ويُتوقع أن يشدد بلينكن الذي لم يبق له في منصبه أكثر من شهر ونيف، على المبادئ التي حددها للحكومة الجديدة بما في ذلك أن تكون جامعة وأن تمثل مختلف أطياف سوريا وطوائفها.
وسيتوجه بلينكن أولاً إلى ميناء العقبة على البحر الأحمر في الأردن الشريك الرئيسي للولايات المتحدة في المنطقة، قبل أن يزور الجمعة تركيا، الداعم الرئيسي للفصائل المسلحة التي أطاحت الرئيس بشار الأسد بدخولها دمشق الأحد.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إن بلينكن سيؤكد لدى البلدين على دعم الولايات المتحدة لعملية انتقالية شاملة بقيادة سورية إلى حكومة مسؤولة وممثلة” للجميع.
وسيدعو بلينكن إلى قيام سلطة في سوريا لا توفر “قاعدة للإرهاب أو تشكل تهديدا لجيرانها” في إشارة إلى المخاوف التي تعبر عنها كل من تركيا وإسرائيل التي نفذت مئات الغارات في البلد المجاور خلال الأيام الماضية.
وعلى الرغم من انتمائها لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، اختلفت تركيا منذ فترة طويلة مع الولايات المتحدة بشأن سوريا، لكنها صارت اليوم القوة الأجنبية الرئيسية الفاعلة فيها بعدما شنت شريكتها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة)، هجوما مفاجئا خاطفا أنهى حكم عائلة الأسد الذي استمر نصف قرن.
والثلاثاء، دعا بلينكن إلى حكومة “موثوقة وجامعة وغير طائفية” لتحل محل حكومة الأسد، العلماني وابن الطائفة العلوية التي تشكل أقلية في سوريا.
وقال بلينكن إن “الشعب السوري سيقرر مستقبل سوريا. على كل الدول الانخراط في دعم عملية جامعة وشفافة والامتناع عن أي تدخل خارجي”، مشددا على أن واشنطن “ستعترف وتدعم بشكل كامل الحكومة السورية المستقبلية التي ستنبثق عن هذه العملية”.
وستكون هذه الزيارة الثانية عشرة التي يقوم بها بلينكن إلى الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر 2023، وهجوم حماس على إسرائيل التي ردت بحملة عنيفة ومدمرة ما زالت مستمرة على قطاع غزة.
وعلى الرغم من اقترابه مرارا من تسجيل نجاح، شعر بلينكن بالإحباط لأنه فشل في تأمين صفقة تنهي فيها إسرائيل الحرب في مقابل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة.
وقال ميلر إن بلينكن سيؤكد خلال رحلته أيضا على “الحاجة الملحة لإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار”.
إرث بايدن
وتحدت إسرائيل نداءات إدارة جو بايدن ووسعت حربها إلى لبنان وضربت حزب الله الشيعي وكذلك إيران التي كان الأسد حليفها العربي الرئيسي.
واعتمد الأسد أيضا على الدعم الجوي من روسيا التي حافظت من خلاله على قاعدة بحرية في المتوسط لكن حرب أوكرانيا جعلتها تغفل عن سوريا.
وسعى بايدن الذي تعرض لانتقادات شديدة بسبب سياسته في الشرق الأوسط وفشله في تسطير اتفاق بين إسرائيل وحماس، إلى أن ينسب لنفسه الفضل بعد سقوط الأسد.
وقال بايدن “لقد غير نهجنا ميزان القوى في الشرق الأوسط”، مشيرًا إلى مزيج من الدعم الذي قدمته واشنطن لشركائها ومساعيها الدبلوماسية والعقوبات والضربات الأمريكية في سوريا التي تستهدف بشكل منفصل الجماعات المرتبطة بإيران وفلول تنظيم داعش، المناوئ لإيران.
وبالمثل، زج الرئيس المنتخب دونالد ترامب بسوريا في اللعبة السياسية بقوله إن روسيا سجلت تقدما في عهد الرئيس السابق باراك أوباما.
وعلى النقيض من بايدن وبلينكن، سخر ترامب من القول بوجود مصالح أمريكية في سوريا، حيث ينتشر نحو 900 جندي أمريكي للتدخل ضد تنظيم داعش، واصفا البلاد بأنها “فوضى” يجب تجنبها.
وسيكون الأمر متروكا لترامب الذي تربطه علاقة وثيقة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لتحديد كيفية التعامل مع هيئة تحرير الشام التي تصنفها الولايات المتحدة جماعة إرهابية.