Times of Egypt

بعد وفاة الأمير كريم الحسيني.. ماذا تعرف عن الطائفة الإسماعيلية وإمامها الجديد؟

M.Adam

شهدت مدينة أسوان في جنوب مصر، اليوم الأحد، مراسم تشييع جثمان الأمير كريم الحسيني آغاخان الرابع، الإمام التاسع والأربعين للطائفة الإسماعيلية.

من هو الأمير كريم الحسيني آغاخان الرابع؟

الأمير كريم الحسيني، المولود في جنيف بسويسرا عام 1936، هو الإمام الروحي للطائفة الإسماعيلية التي تضم نحو 15 مليون شخص حول العالم. وُلد كابن أكبر للأمير علي خان وزوجته جوان يارد بولر، ويحمل الجنسيات البريطانية والبرتغالية، إضافة إلى منحه الجنسية الفخرية الكندية عام 2010 تقديراً لأعماله الإنسانية.

على مدى أكثر من ستة عقود، قاد الأمير كريم شبكات تنموية وخيرية بارزة، من أبرزها شبكة الأغاخان للتنمية، التي ساهمت في مشروعات ضخمة شملت تطوير المدارس والمستشفيات في إفريقيا وآسيا، وتوفير الطاقة للمناطق الفقيرة، إضافة إلى مشروعات ترميم أثرية بارزة في مصر، مثل تطوير حديقة الأزهر وترميم مسجد الأمير آق سنقر المعروف بـ”الجامع الأزرق”.

الإمام الجديد للطائفة الإسماعيلية.. من هو؟

تولى رحيم الحسيني منصب الإمام الوراثي الخمسين للطائفة الإسماعيلية النزارية، خلفاً لوالده الأمير كريم الحسيني الذي توفي في 4 فبراير 2025 بالعاصمة البرتغالية لشبونة عن عمر ناهز 88 عاماً.

وأصبح الأمير رحيم يحمل لقب “آغا خان الخامس”، في انتقال تم وفقاً للتقاليد التاريخية للطائفة الإسماعيلية ومبدأ “نقل الإمامة” من إمام إلى آخر.

بحسب الموقع الرسمي للطائفة، جرت مراسم إعلان الإمام الجديد بحضور كبار قادة الجماعة وأفراد العائلة، بعد تلاوة وصية الإمام الراحل خلال مراسم أقيمت في لشبونة.

ما هي الطائفة الإسماعيلية؟

تُعتبر الطائفة الإسماعيلية إحدى أبرز الفرق الشيعية التي أثرت بشكل عميق في التاريخ الإسلامي، وتميزت برحلة فكرية وسياسية حافلة بالتحولات والانقسامات. من ولادتها في كنف التشيع الإمامي، إلى انقساماتها العديدة، استطاعت هذه الطائفة أن تترك بصمتها عبر العصور، رغم سرية الكثير من معتقداتها ونشاطاتها، مما أكسبها ألقاباً مثل “الباطنية” و”الحشاشين”. في هذا التقرير، نستعرض نشأة الطائفة وتاريخها المتشابك، وصولاً إلى أبرز طوائفها الحالية.

نشأة الإسماعيلية ومعتقداتها الأساسية
الإسماعيلية هي الجماعة الشيعية الثانية بعد الاثني عشرية من حيث الانتشار والأهمية، ويُقدّر عدد أتباعها بحوالي 12 مليوناً، يتوزعون في أكثر من 35 دولة، أبرزها إيران، باكستان، الهند، اليمن، سوريا، وشرق إفريقيا. نشأت هذه الطائفة بعد وفاة الإمام جعفر الصادق عام 765 ميلادية، عندما انقسم الشيعة حول هوية الإمام السابع. بينما تبنى الشيعة الاثنا عشرية إمامة موسى الكاظم، رأى الإسماعيليون أن الإمامة انتقلت إلى إسماعيل بن جعفر.

ويختلف الإسماعيليون عن باقي الشيعة والسنة في اعتقادهم بأن للقرآن تأويلاً باطنياً لا يقتصر على معانيه الظاهرة، ولهذا لُقّبوا بـ”الباطنية”.

أبرز المحطات التاريخية للإسماعيلية
مرّت الإسماعيلية بتحولات كبيرة، أدت إلى ظهور طوائف متعددة، بعضها انفصل تماماً، بينما حافظت أخرى على الأسس العقدية الإسماعيلية مع اختلافات بسيطة.

الدولة الفاطمية والإسماعيلية المستعلية
أسس عبيد الله المهدي الدولة الفاطمية في المغرب عام 909 ميلادية، واستمرت حتى سقوطها في مصر. انقسمت الإسماعيلية المستعلية إلى طائفتين بعد اغتيال الخليفة منصور الآمر بأحكام الله عام 1130 ميلادية:

الطيبية: التي آمنت بغيبة الإمام الطيب، وانتقل مركزها من اليمن إلى الهند، حيث عُرفت هناك باسم “البُهرة”.
الحافظية: التي بايعت الحافظ لدين الله إماماً.
طائفة البُهرة
تميّزت البُهرة بالحفاظ على تقاليدهم وطقوسهم الدينية، وبرزوا كجماعة تجارية في الهند. مع مرور الوقت، انقسموا إلى ثلاث فرق رئيسة:

القرامطة.. الوجه المتطرف للإسماعيلية
ظهرت جماعة القرامطة في البحرين بقيادة حمدان قرمط عام 899 ميلادية. واشتهرت هذه الجماعة بآرائها الدينية المثيرة للجدل، مثل تغيير القبلة إلى بيت المقدس وتحليل الخمر. وصلت جرأتهم إلى ذروتها عام 930 ميلادية، عندما هاجموا المسجد الحرام، وقتلوا الحجاج وسرقوا الحجر الأسود. انتهت حركة القرامطة عام 1073 على يد العباسيين وحلفائهم.

البهرة الداودية: تنتشر في الهند واليمن والخليج وشرق إفريقيا.
البهرة السليمانية: مقرهم في اليمن والسعودية.
البهرة العلوية: مركزهم الرئيسي في مدينة فادودارا الهندية.
الحشاشون والآغاخانية.. من القلاع إلى العالم الحديث
في إيران، ظهرت الإسماعيلية النزارية، وعُرفت بجماعة “الحشاشين”، بقيادة حسن الصباح، الذي أسس دولة النزارية الشرقية في فارس والشام. تميّزت هذه الجماعة باستخدام الاغتيالات السياسية ضد خصومها، وأثارت الرعب في المنطقة حتى قضى عليها المغول.

لاحقاً، انحدرت الإسماعيلية النزارية إلى طائفة الآغاخانية، التي أسسها الإمام حسن علي شاه، المعروف بالآغا خان الأول. بعد فشل ثورته ضد الشاه القاجاري في إيران، انتقل إلى الهند، حيث اعترف به البريطانيون كإمام للطائفة، مما ساعده على ترسيخ نفوذه.

الإسماعيلية اليوم.. حضور عالمي وهوية متجددة
رغم تشتت الطائفة الإسماعيلية إلى فرق متعددة، ما زال لها حضور قوي في مناطق مختلفة من العالم. تعتبر الطائفة الآغاخانية الأكثر انتشاراً اليوم، مع وجود بارز في آسيا وإفريقيا وأوروبا وأميركا الشمالية.

يحافظ الإسماعيليون على هويتهم الثقافية والدينية، مع التركيز على التعليم والتحديث. كما يلعب زعماؤهم الروحيون، مثل الآغا خان الحالي، دوراً كبيراً في دعم المشاريع التنموية في الدول التي يعيش فيها أتباع الطائفة.

شارك هذه المقالة