Times of Egypt

بريطانيا.. شريك في الصمت وشاهد على الجريمة

M.Adam

عمر إسماعيل 

في غزة.. تُزهَق أرواح  الابرياء كل يوم، يُدفَن الأطفال أحياء تحت أنقاض بيوتهم، وتُدمر  المستشفيات علي رؤس الضحايا، بينما تكتفي الحكومة البريطانية بمواقف باردة، مائعة، مترددة، لا تليق بدولة تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان والقانون الدولي.

لا يمكن وصف الموقف البريطاني من المجازر اليومية.. المتواصلة في قطاع غزة، إلا بالمتواطئ بالصمت.  فما تصفه لندن بـ«القلق العميق»، لم يَنتج عنه أي إجراء عملي.. لوقف القتل أو حماية المدنيين. لم تُفرض عقوبات، لم تُراجَع او تُوقف.. صفقات السلاح مع إسرائيل، ولم تُتخذ خطوات دبلوماسية جادة.. للضغط من أجل وقف إطلاق النار. كل ما صدر عن الخارجية البريطانية، هو عبارات جوفاء فقدت معناها، تمامًا كما فقدت بريطانيا.. قدرتها على اتخاذ موقف أخلاقي.

خطاب مزدوج… وعدالة بميزان مختل

بينما سارعت الحكومة البريطانية إلى التنديد بانتهاكات حقوق الإنسان في أوكرانيا، واتخذت إجراءات حازمة ضد روسيا، تجاهلت – بل وتسترت على – ما يحدث في غزة من انتهاكات موثقة بالقانون الدولي. هذه الازدواجية الصارخة تُقوّض.. ليس فقط مصداقية بريطانيا، بل الأسس الأخلاقية التي تدّعي أنها تقوم عليها.

إن صمت لندن؛ رغم الأدلة الدامغة على استخدام القوة المفرطة، والاستهداف الممنهج للبنية التحتية المدنية، يرقى إلى مستوى الشراكة في الجريمة، أو – على الأقل – التواطؤ بالتغاضي.

ماذا عن المساعدات الإنسانية؟

الحكومة العمالية  تروّج إعلاميًا.. لجهود «إنسانية» إلى غزة، لكن على أرض الواقع، لا تتجاوز هذه المساعدات سوى القليل من الأموال.. التي تُقدّم على استحياء، وغالبًا ما تكون مشروطة، وتخضع لاعتبارات سياسية. وفي الوقت نفسه، لم نسمع او نري عن أي تحرك بريطاني جاد.. لإعادة تمويل وكالة الأونروا، أو لتأمين ممرات آمنة للغذاء والدواء.

أين حزب العمال؟

أما حكومة حزب العمال البريطاني، فتقف في موقف رمادي.. لا يرقى إلى مستوى التحدي الإنساني. وعلى الرغم من أن قواعد الحزب التنظيمية والجماهيرية.. مؤيدة بوضوح لحقوق الفلسطينيين، إلا أن قيادة الحزب تتعامل مع الملف.. بخجل وحياء سياسي، لا يمكن وصفه الا بالجبن، خشية استهدافها باتهامات معاداة السامية، التي أصبحت تُستخدم كسلاح لإسكات أي تعاطف مع الضحية.

إن الحكومة البريطانية اليوم.. في موضع مساءلة. فالصمت في وجه القتل، والامتناع عن اتخاذ أي موقف جاد، هو بحد ذاته موقف الشريك في الجريمة. ومهما حاولت تبرير سياستها بـ«الحياد» أو «التوازن»، فإن التاريخ لن يغفر لها هذا التخاذل.

رسالتنا إلى المجتمع الدولي، وبريطانيا تحديدًا: إن غزة ليست مجرد ملف إنساني، إنها فضيحة أخلاقية تختبر صدق مبادئكم. ولن يُمحى عار الصمت هذا مهما طال الزمن.

* قيادي في حزب العمال البريطاني.

شارك هذه المقالة