شهدت أسعار النفط العالمية انهيارًا لافتًا بنهاية تعاملات يوم الجمعة، حيث فقدت ما يقارب 7% من قيمتها لتغلق عند أدنى مستوياتها منذ أكثر من ثلاث سنوات، وسط تصاعد حدة التوترات التجارية العالمية عقب فرض الصين رسوماً جمركية إضافية على السلع الأميركية. هذا التراجع الكبير أثار مخاوف المستثمرين من دخول الاقتصاد العالمي في حالة ركود، ما أدى إلى عمليات بيع واسعة في أسواق الطاقة.
خسائر ضخمة لخام برنت و”غرب تكساس”
فقدت العقود الآجلة لخام برنت 4.56 دولارات من قيمتها، ما يعادل 6.5%، لتستقر عند 65.58 دولارًا للبرميل عند الإغلاق. بينما هوى خام غرب تكساس الوسيط الأميركي بنسبة 7.4% أو ما يعادل 4.96 دولارات، ليغلق عند 61.99 دولارًا.
وخلال التداولات، تراجع خام برنت إلى 64.03 دولارًا، فيما انخفض خام غرب تكساس إلى 60.45 دولارًا، وهي أدنى مستويات يصل إليها كلا الخامين في أربع سنوات.
وعلى مدار الأسبوع، تكبد خام برنت أكبر خسارة أسبوعية له منذ عام ونصف، بنسبة بلغت 9.8%، لتنتهي بذلك مكاسب استمرت ثلاثة أسابيع. أما خام غرب تكساس، فقد سجل خسارة أسبوعية هي الأشد خلال عامين، بخسائر وصلت إلى 10.6%.
تصعيد صيني وردود عالمية مرتقبة
جاء الانخفاض الحاد في أسعار النفط متزامنًا مع إعلان الصين فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 34% على جميع الواردات القادمة من الولايات المتحدة بدءًا من 10 أبريل المقبل، ما اعتُبر ردًا مباشرًا على القرارات الأميركية الأخيرة.
في المقابل، صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الموقف معلنًا عن رسوم جمركية جديدة بنسبة 10% على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة، مع زيادات أكبر على بعض الدول التي تُعد من أبرز شركاء واشنطن التجاريين، مما زاد من احتمالات اندلاع حرب تجارية شاملة.
الردود الدولية لم تتأخر، إذ بدأت عدة دول بالإعداد لتدابير مماثلة، وسط تحذيرات من أن هذا التصعيد قد يؤدي إلى ارتفاع كبير في الأسعار داخل السوق الأميركية، أكبر سوق استهلاكية في العالم، ما يزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي العالمي.
تحذيرات من ركود عالمي وطلب ضعيف على النفط
في ظل هذه الأجواء المضطربة، رفع بنك “جي بي مورغان” تقديراته لاحتمالية حدوث ركود اقتصادي عالمي إلى 60% بحلول نهاية العام الجاري، مقارنة بنسبة 40% فقط في وقت سابق. هذه التوقعات ساهمت في زيادة قلق المستثمرين، وأثرت سلبًا على معنويات السوق.
ومن جانبه، أوضح سكوت شيلتون، المحلل المتخصص في شؤون الطاقة لدى شركة “يونايتد آي.سي.إيه.بي”، أن الأسعار الحالية قد تعكس “القيمة العادلة” للنفط، في ظل غياب مؤشرات واضحة على حجم تراجع الطلب. وتوقع أن تنخفض أسعار خام غرب تكساس إلى ما بين 55 و60 دولارًا على المدى القريب، مشيرًا إلى أن الطلب سيبقى تحت ضغط قوي في ظل الظروف الحالية.
وفي تعليق له على تطورات المشهد، قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، جيروم باول، إن الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها إدارة ترامب جاءت أعلى من التوقعات، الأمر الذي قد يُعقّد آفاق النمو الاقتصادي ويزيد من ضبابية المشهد الاقتصادي العالمي خلال الأشهر المقبلة.