اعتبرت السعودية أن الخطوات التي تقوم بها الإمارات في اليمن “بالغة الخطورة” وتهدّد أمن المملكة الوطني، وذلك بعد ساعات على ضربات سعودية استهدفت، وفق الرياض، شحنة أسلحة قادمة من الإمارات للمجلس الانتقالي الجنوبي اليمني المطالب بالانفصال.
وترافقت الضربات مع إعلان الحكومة اليمنية حالة الطوارىء في البلاد وحظرا جويا، فيما طالبت الإمارات بسحب “قواتها” و”منسوبيها” من اليمن. وسارعت الرياض إلى دعم هذا المطلب.
وقال رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي في بيان إنه قرر “إلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع دولة الإمارات العربية المتحدة”، فيما أصدر قرارا منفصلا بإعلان حالة الطوارئ “لمدة 90 يوما قابلة للتمديد”، وفرض “حظر جوي وبحري وبري على كافة الموانئ والمنافذ لمدة 72 ساعة”.
كما أعطى مجلس القيادة، الذي يمثل السلطات اليمنية المعترف بها دوليا، مهلة 24 ساعة لخروج “القوات الإماراتية ومنسوبيها” من الأراضي اليمنية.
لكنّ أربعة من قادة المجلس، من بينهم عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، رفضوا هذه القرارات التي وصفوها بـ”الانفرادية”.
وقالوا في بيان “نؤكد رفضنا القاطع لأي قرارات انفرادية تُقحم اليمن في صدامات جديدة، أو تستهدف حلفاءه الإقليميين”، في إشارة للإمارات الداعم الرئيسي للمجلس الانفصالي.
وأظهرت لقطات مصورة لوكالة فرانس برس اشتعال النيران في الميناء، وتدمير عشرات السيارات رباعية الدفع المتوقفة فيه وكذلك تهشم نوافذ مبانٍ مقابلة له وإلحاق أضرار بداخلها.
وقال شاهد عيان يدعى عبدالله بوزهير لفرانس برس “الساعة الثالثة والنصف أو الرابعة فجراً قاموا بقصف الميناء … تضررنا، تكسرت نوافذنا والابواب الأطفال والنساء شعروا بالرعب. هذا لا يجوز نهائيا”.
جاء قصف التحالف بقيادة السعودية بعدما سيطر المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات على مساحات واسعة من الأراضي في محافظتي حضرموت والمُهرة المتاخمتين لكل من السعودية وسلطنة عُمان، خلال هجوم خاطف مطلع الشهر الجاري.
وسارعت السعودية الثلاثاء لدعم السلطات اليمنية. وطالبت الإمارات بالاستجابة لطلبها “بخروج قواتها العسكرية من الجمهورية اليمنية خلال أربع وعشرين ساعة، وإيقاف أي دعم عسكري أو مالي لأي طرف كان داخل اليمن”.
وأسف بيان وزراة الخارجية السعودية لـ”دفع” الإمارات المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن “للقيام بعمليات عسكرية على حدود المملكة الجنوبية (..) تعد تهديدا للأمن الوطني” السعودي.
وأضاف البيان “تؤكد المملكة في هذا الإطار بأن أي مساس أو تهديد لأمنها الوطني هو خط أحمر لن تتردد المملكة حياله في اتخاذ كافة الخطوات والإجراءات اللازمة لمواجهته وتحييده”.
– “تجاهل الجهود الدبلوماسية” –
وقال مصدر سعودي مقرب من الجيش السعودي ومطلّع على التطورات الاثنين إنّ التحالف “أُجبر” على التدخل.
وأفاد المصدر الذي تحدث شريطة عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول الحديث للإعلام “أُجبر التحالف على التعامل. جميع الجهود الدبلوماسية قوبلت بالتجاهل، لكنّه تابع “لا تزال الدبلوماسية خيارًا متاحًا لوقف أي تصعيد إضافي”.
وشاركت الإمارات بقواتها إلى جانب السعودية ضمن التحالف الداعم للحكومة المعترف بها في اليمن، وتدعم المجلس الانتقالي الذي يطالب بانفصال الجنوب، والممثل هو أيضا في الحكومة.
ووصفت السعودية دعم الإمارات للانفصاليين في اليمن بأنه تهديد لأمنها الوطني.
وأضاف البيان أن “الخطوات التي قامت بها دولة الإمارات (..) تُعد بالغة الخطورة، ولا تنسجم مع الأسس التي قام عليها تحالف دعم الشرعية في اليمن”.
جاء ذلك بعد ساعات من إعلان التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن أنّه نفذ “عملية عسكرية محدودة” استهدفت “أسلحة وعربات قتالية” آتية من الإمارات بميناء المكلا في محافظة حضرموت التي سيطر عليها أخيرا المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي.
وأوردت وكالة الأنباء السعودية (واس) بيانا نقلا عن المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء تركي المالكي جاء فيه “استنادًا لطلب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني لقوات التحالف باتخاذ كافة التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين بمحافظتي حضرموت والمهرة … قامت قوات التحالف الجوية صباح اليوم بتنفيذ عملية عسكرية محدودة استهدفت أسلحة وعربات قتالية أُفرغت من السفينتين بميناء المكلا”.
وأشار المالكي إلى أنّ السفينتين كانتا “قادمتين من ميناء الفجيرة (في الإمارات) إلى ميناء المكلا دون الحصول على التصاريح الرسمية”.
وذكرت الوكالة السعودية على حسابها على منصة أكس نقلا عن التحالف أنّه “لا وجود لإصابات بشرية أو أضرار جانبية جراء عملية الاستهداف بميناء المكلا”.
وأفاد مسؤول في الميناء اليمني بتلقي اتصال تحذيري لإخلاء الميناء قبل دقائق من استهدافه واشتعال النيران به.
وأوردت قناة عدن المستقلة التابعة للانفصاليين اليمنيين على منصة اكس “الطيران السعودي يشن غارات على ميناء المكلا بحضرموت”، مرفقة صورة لنيران مشتعلة في ما يبدو أنه الميناء.
ويبدو أن الانفصاليين المدعومين من الإمارات يسعون لإحياء دولة جنوب اليمن المستقلة سابقا، والتي كانت قائمة من عام 1967 حتى توحيده مع شمال اليمن عام 1990.
وكان التحالف العسكري بقيادة السعودية قد تدخل في 2015 دعما للحكومة اليمنية ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران بعد أشهر من استيلائهم على العاصمة صنعاء وهو ما أوقف زحفهم آنذاك للسيطرة على عدن في جنوب اليمن ثم مأرب وتعز.
وحتى الآن، كانت السعودية والإمارات تسعيان للظهور بموقف موحد رغم أن كلا منهما يدعم طرفا. وأرسلتا هذا الشهر وفدا مشتركا إلى المجلس الانتقالي لمطالبته بسحب قواته من حضرموت والمهرة.
وأعربت الخارجية السعودية في بيانها الثلاثاء عن أملها في أن “تتخذ دولة الإمارات الشقيقة الخطوات المأمولة للمحافظة على العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، والتي تحرص المملكة على تعزيزها”.