Times of Egypt

الوعي الرقمي «بعافية»

M.Adam
أمينة خيري  

أمينة خيري 

الوعي الرقمي – وهو «بعافية» – وتحديداً وعي استخدام الـ«سوشيال ميديا». لا يقتصر الأمر على معرفة كيف نحشو صفحاتنا بالمحتوى – سواء ما نكتبه نحن، أو نفكر فيه – ولكن أيضا.. ما ننقله عن آخرين، سواء كانوا أفراداً، أو حتى من محتوى متداول على الإنترنت. ومنه منقول – أو يقدم لنا باعتبار أنه منقول – من مؤسسات إعلامية «رصينة».

على سبيل المثال، هذا الكم المذهل من صور ومعلومات.. مكتوبة عن أطفال مفقودين، أو آخرين متسولين، ويعتقد – من صورهم – «إن شكلهم مخطوفين». وكذلك تحذيرات من وقوع سرقات في حي ما، وتعرض السكان للتهديد.. مصحوبة بـ «شير على أوسع نطاق». وأيضاً أرقام هواتف صيدليات تقدم الأدوية بالمجان، وشركات ومصانع تمنح كل من يدق بابها.. فرص عمل براتب شهري 20 و30 ألف جنيه، ولا يشترط الخبرة أو الشهادات. وهيئات ومنظمات تقدم المعونات المادية والعينية.. لأي شخص محتاج، دون سؤاله عن أصله وفصله، وغيرها الكثير من المحتوى مجهول النسب. 

وحين تجد مثل هذا المحتوى «الدوار»، ومنه ما يدور الأثير كما هو.. دون تعديل أو تحديث منذ سنوات طويلة، فتهاتف الصديق العزيز الذي يعيد تشاركه، وتنبهه إلى أن ما يتداوله.. ربما يكون قديماً أو كاذباً أو مفبركاً. يأتيك برد أقبح من ذنب: وصلني، فقلت أعمله شير علشان، «لو» حقيقي الناس تأخذ بالها! 

بالذمة، هل هذا كلام؟! إشاعة الكذب أو الفبركة أو الأخبار القديمة، دون جرام تفكير.. في مدى صحته أو أثره على المحيطين، وعلى المجتمع حال تشاركه «على أوسع نطاق»، ماذا نسميه؟

الكارثة، أن البعض ممن يقومون بذلك، وهم – كما ذكرت من قبل – على درجة بالغة من التعليم، ولا أقول الثقافة.. لأن شتان بينهما؛ يفعل ذلك لمجرد أنه غاضب من سياسات حكومية، أو معارض لأوضاع سياسية واقتصادية، أو يطالب بالتغيير.. وغيرها من المواقف التي ربما تدفعه – أو تدفعها – لـ«الانتقام» بدون وعي، لا من مصادر غضبه واعتراضه، ولكن من المجتمع كله.

هذه السيولة المعرفية، والضبابية المعلوماتية، وغيرهما.. لا تحتاجان سوى حد أدنى من الوعي الخاص بالاستخدام، وحتى يكون هناك هذا الوعي – الذي يحتاج حداً أدنى.. من الجهد المبذول والتفكير قبل الكتابة، والدق على «شير».. مهما كانت المؤثرات ومشاعر الغضب – لابد أن يكون هناك إدراك بأن ما نفعله على أثير الـ«سوشيال ميديا».. أخطر، وأقبح، وأفظع.. مما يرعبنا ويرهبنا، وترتعد له أوصالنا وتنتفض بسببه شراييننا وقلوبنا، ألا وهو المحتوى الذي يهز أوصال “قيم الأسرة المصرية” والذي يقتصر على محتوى له علاقة بالبنات أو الستات أو الطفلات!.

القيم الحقيقية تهتز وترتعد.. بهذا الكم المذهل من الاستخدام غير الواعي. الجانب الأكبر من الجهود البحثية الحقيقية.. منصب على أثر استخدام السوشيال ميديا بين المصريين، على التعبير السياسي وإشعال الثورات، لكن ماذا عن رصد اتجاهات استخدام السوشيال ميديا.. وآثارها على المجتمع، مع أخذ العوامل الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية السائدة، التي تؤثر على هذه الاتجاهات وتوجهها؟.

نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة