عمرو الشوبكي
أقدمت الحكومة البريطانية لحزب العمال – بزعامة كير ستارمر – على خطوة غير مسبوقة.. بتعيين وزيرة مسلمة من أصول باكستانية؛ وهي شبانة محمود.. وزيرة للداخلية، وهي تمثل توجهاً مخالفاً تماماً لوزيرة الداخلية في حكومة حزب المحافظين السابقة سويلا برافومان، التي دعمت بشكل فج إسرائيل واتخذت مواقف عدائية من المهاجرين رغم أنها من أصول هندية مهاجرة.
والمعروف أن شبانة كانت وزيرة للعدل، قبل أن تُعين وزيرة للداخلية، وهي من مواليد بيرمنغهام، لأبوين من أصول باكستانية. تصف نفسها كمسلمة، وأن الدين محور حياتها، وكتبت على صفحتها الشخصية أنها تدعم الحقوق الفلسطينية، ومع المقاومة السلمية والمدنية ولا تؤيد العنف، وشاركت سابقاً في مظاهرات ضد سلسلة محلات سينسبري.. لوقف التعاون مع صادرات المستوطنات في الضفة، ونجحت في ذلك.
ورغم أن حزب العمال يتخذ مواقف تصفها الأوساط المحافظة في بريطانيا بأنها داعمة للمثلية الجنسية، إلا أن شبانة طالبت باحترام العادات والتقاليد الدينية للأسرة.. قبل دراسة الطلاب لقضايا الميول الجنسية، وأكدت أن الجنس هو ما تحدده البيولوجيا، واتخذت موقفاً متحفظاً من المثلية والتحولات الجنسية دون أن تعارضهما صراحة.
والمؤكد أن اختيار وزيرة داخلية من أصول أجنبية ومسلمة.. في بلد يموج بالتعددية الثقافية، يمثل رسالة مهمة، ووجهاً آخر لأوروبا.. منفتحاً في مواجهة الخطاب اليميني المتطرف والشعبوي، خاصة أن كثيراً من الاحتجاجات.. التي يُفترض أن تتعامل معها الوزيرة الحالية، يتهم فيها المهاجرون، وتخلق أيضاً ردود فعل في بعض الأوساط البريطانية معادية للأجانب والمسلمين.
ورغم الوجه المتسامح في النموذج البريطاني، وقبوله بالتنوع الثقافي والعرقي.. بصورة أكبر من بلد مثل ، إلا أن هذا لا يعني عدم وجود اتجاهات متطرفة، ترفض وجود الأجانب، وتحملهم مسؤولية الأزمة الاقتصادية، وارتفاع معدلات العنف والجريمة.
مازال الكثيرون يتذكرون ما شهدته بريطانيا العام الماضي.. من احتجاجات عنيفة، استهدفت المهاجرين، خاصة المسلمين، عقب انتشار شائعة مضللة على مواقع التواصل الاجتماعي، تقول إن مراهقاً مسلماً قتل ثلاثة أطفال.. في مدرسة رقص بمدينة «ساوثبورت»، تتراوح أعمارهم بين 6 إلى 13 عاماً، وهي الشائعة التي ثبت كذبها، وتبين أن القاتل لم تكن له علاقة بالإسلام والمسلمين، ومع ذلك اعتبرها اليمين المتطرف.. فرصة لبث خطاب تحريض وكراهية غير مسبوق.. ضد المهاجرين الأجانب، خاصة المسلمين.
المفارقة اللافتة، أن هذه الاحتجاجات.. جاءت عقب إعلان فوز حكومة حزب العمال، الذي يعني في دلالاته.. أن أغلب الرأي العام كان مع حكومة متسامحة مع الأجانب، تقبل التنوع الثقافي في البلاد وتحترمه. ومع ذلك حضرت الأقلية بالعنف، ووصف رئيس الحكومة كير ستارمر احتجاجاتها.. التي استهدفت تجمعات للمسلمين، بأنها «بلطجة اليمين المتطرف.«
ستصبح وزيرة الداخلية المسلمة، بشكل تلقائي، مستهدفة من أوساط اليمين المتطرف، وهو ما سيفرض عليها أعباءَ مضاعفة.. رغم كفاءتها وسمعتها الطيبة، واتساق ما تقوله مع قناعتها.
نقلاً عن «المصري اليوم«