أمينة خيري
أشفق كثيراً على وزارة الأوقاف.. من هذا الكم من المسؤوليات والأنشطة الملقاة على عاتقها، بالإضافة إلى تلك التي تبادر بأخذها، ربما للتخفيف من على كاهل غيرها من الوزارات والمؤسسات والهيئات، لذلك أتمنى أن يجد طرح مشكلات الشارع المصري، وسلوكياته التي تحتاج.. ما هو أكثر من وقفة، وما هو أوقع من.. توقع أقصى العقوبات باسم «قيم الأسرة المصرية»، وما يجب أن يتم التطرق إليه.. من منظور «مدني»، دون أن نرهق المؤسسات الدينية؛ بما بين يديها من كم مذهل.. من مسؤوليات في الثقافة والتربية والتعليم، والرياضة والدراما والمرور، والبنوك.. وحتى علوم الفضاء ورواده.
ألم يحن الوقت لننظر في المرآة، لنرى موقعنا الإعرابي.. من منظومة القيم والمبادئ والسلوك والأخلاق، ولا أعني «مظاهر» التدين الموجودة.. في كل ركن من أركان المدن والقرى والنجوع.
أعني النظر في معنى.. أن تعرض فتاة لحادث، فنجد تلك الجحافل من المطوعين والمطوعات.. التي تدقق فيما كانت ترتديه الفتاة؛ قبل أن تقدم واجب العزاء، أو تتمنى الشفاء. ولا تدقق – مثلاً – في سرقة متعلقاتها.. وهي ملقاة على الطريق، فهذه نقرة وتلك أخرى.
أعني النظر.. في معنى أن تغرق وسائل إعلام – يفترض أنها «رصينة» – في محتوى «شاهد الإطلالة الجريئة للفنانة فلانة»، أو «شاهد فلانة بفستان جريء أو مكشوف أو على الشاطئ»، لا لشيء.. إلا لزيادة المشاهدات. وفي الوقت نفسه تفسح المجال للداعية فلانة أو فلان.. ليفتي في «هل يجوز الدردشة مع الأصدقاء على الموبايل في الحمام؟» و«حكم الاستماع للموسيقى وتأليفها» وغيرها.
وبمناسبة الموسيقى، ألا يستحق خروج أحد القائمين على فن وصناعة الموسيقى قبل أسابيع، وسؤال «المشايخ» عن حكم تأليف الموسيقى.. وقفة حقيقية لمعرفة ما جرى لمصر وأهلها؟!
مصر قلعة وعاصمة الفنون العربية، يسأل القائمون على هذه القوة الناعمة، والصناعة العظيمة.. إن كان عملهم حراماً أم حلالاً؟ ألا يعني هذا أننا في مأزق حقيقي؟
وحين يساعد المارة «حرامي بلطجي».. حاول سرقة «موبايل» أحدهم في الشارع. وحين أمسك الرجل بهاتفه، أخرج له سيفاً من ملابسه، ما هذا؟
ومع كامل الاحترام لكل من يقول إن المرأة المصرية أصبحت في مكانة عظيمة ورائعة، وأن وزيراتنا وسفيراتنا ونائباتنا ومديراتنا ونساءنا المكافحات المثابرات.. خير مثال على ذلك – وأعلم أن كلامي سيغضب البعض – ولكن ألا يستحق توغل وتغول وتمكن النظرة الدونية الرهيبة للمرأة والفتاة؟ وتوسع اعتبارها شيئاً مخصصاً للرجل، إن أثارته خبأها؟ وإن لم تثرْه بالقدر الكافي عراها؟ وإن لم يتمكن من الإنفاق على البيت شغلها؟ وإن تمكن أجبرها على التزام البيت. وإن ارتدت ما لا يعجب أبواق المتشددين في كل مكان.. هاج عليها المجتمع؟ معتبراً أباها وأخاها وابنها وحفيدها مسؤولين عن انهيار «قيم الأسرة المصرية»، مع الإشارة إلى تمكن الفكرة من عقول النساء والفتيات أنفسهن.
ألا يستحق كل ما سبق وقفة من الجهات «المدنية»، لمعرفة ما أصابنا من فصام شبه كامل.. بين المظهر والجوهر؟!
نقلاً عن «المصري اليوم»