يأمل المسؤولون في مصر أن يشكّل افتتاح المتحف المصري الكبير يوم السبت دفعة قوية لقطاع السياحة، الذي واجه خلال السنوات الماضية تحديات عديدة، من اضطرابات داخلية إلى تداعيات جائحة كوفيد-19، فضلا عن التوترات الإقليمية التي ألقت بظلالها على حركة السفر.
ويتوقع المسؤولون أن يرفع المتحف وحده عدد زائري البلاد بما يصل إلى سبعة ملايين سنويا بعد افتتاحه، وهو ما يرفع بدوره إجمالي عدد الزائرين إلى نحو 30 مليونا بحلول 2030.
ويطل الصرح الكبير الذي تبلغ مساحته 500 ألف متر مربع على أهرامات الجيزة، ويحوي عشرات الآلاف من القطع الأثرية، منها ما توصف بأنها المجموعة الكاملة لكنوز الملك الصغير توت عنخ آمون، وسيكون هذا هو العرض الأول للكثير منها.
وبخلاف سبل العرض التي كانت تتراص فيها القطع الأثرية في مساحات صغيرة وبطريقة تقليدية في المتحف المصري بوسط القاهرة، يتميز المتحف الجديد بأساليب عرض تفاعلية وأجهزة واقع افتراضي.
وتستخدم مصر النقد الأجنبي الذي تتحصل عليه من السياحة لسداد تكلفة واردات ضرورية مثل الوقود والقمح. واحتاجت البلاد إلى عمليات إنقاذ مالي عدة مرات لتحقيق نوع من الاستقرار لاقتصادها.
- آمال في السياحة الثقافية
تشير الأرقام الرسمية إلى أن مصر استقبلت في العام الماضي 15.7 مليون زائر، وبلغ إجمالي إنفاقهم مستوى غير مسبوق عند 15 مليار دولار.
وكان قطاع السياحة قد هوى في 2015-2016 إلى مستوى متدن بتسجيله 3.8 مليار دولار، إذ تضرر بسبب التداعيات المتواصلة للاضطرابات السياسية التي أعقبت ثورة يناير كانون الثاني 2011.
لكن هناك عدة عوامل أخرى أيضا نالت من بريق قطاع السياحة في البلاد، من بينها تهالك بعض البنى التحتية وسوء التخطيط والقيود الأمنية. وحتى التعافي الذي شهده القطاع في الآونة الأخيرة لم يتمكن من دفع مصر للتفوق على منافستها في المنطقة تركيا التي أعلنت أنها استقبلت أكثر من 50 مليون زائر دولي العام الماضي بعائدات تجاوزت 60 مليار دولار.
وقالت غاده عبد المعطي الأستاذ المساعد بالمعهد العالي للسياحة والفنادق بالإسكندرية إن عدد الزوار المستهدف منطقي.
وأشارت إلى أن المتحف الجديد يعرض مجموعة ضخمة كانت في السابق حبيسة المخازن بسبب نقص مساحة العرض.
وتأمل مصر، التي يقصدها الكثير من السائحين لزيارة منتجعاتها على البحر الأحمر، أن يسهم افتتاح المتحف في زيادة حجم شريحة الزوار لأغراض السياحة الثقافية.
ويقول محللون إن السائحين من هذا النوع عادة ما يقضون فترات أطول وينفقون أموالا أكثر من أولئك الذين يأتون في الأساس للاستمتاع بالشواطئ.
ولا تتضمن الأرقام الرسمية تفصيلا لعدد السائحين الذين يأتون لأغراض ثقافية، لكن تقديرات خلصت إليها دراسة أجريت في 2021 بشأن التأثير المحتمل للمتحف المصري الكبير أشارت إلى أنهم يشكلون أقل من ربع إجمالي السائحين.
وقالت غادة إن عدد السائحين الثقافيين في تقديرها لا يتجاوز ما بين 10 و15 بالمئة من إجمالي الزائرين الأجانب.
وذكر ريمون نجيب مدير القطاع التجاري في مجموعة أورينت إن شركته تعمل على دمج زيارة المتحف الجديد في “برامج مشتركة” الهدف منها جذب الزوار للاستمتاع بكلتا التجربتين.
وأضاف أنه يمكن للسياح زيارة المتحف، ثم قضاء ثلاث ليال في إحدى الوجهات على البحر الأحمر، مثل العين السخنة التي تبعد ساعة واحدة فقط عن القاهرة.
- تجميل الطرق وتغيير المدخل إلى الأهرامات
زادت أهمية عائدات السياحة خلال العامين الماضيين بعد أن أدت الهجمات على الملاحة في البحر الأحمر إلى تحولها بعيدا عن قناة السويس، وهي مصدر رئيسي آخر للنقد الأجنبي في مصر.
وتعرضت السياحة نفسها بشكل واضح لصدمات نتيجة عوامل كان من بينها العنف السياسي في تسعينيات القرن العشرين والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين وجائحة كوفيد-19 وكذلك غزو روسيا لأوكرانيا الذي بدأ في عام 2022، وهما بلدان شكلا ثلث عدد السائحين في عام 2021 في مصر. وتضررت السياحة أيضا من الحرب في غزة.
وقال راجي أسعد أستاذ السياسة الاقتصادية الدولية في جامعة مينيسوتا إن تحقيق أقصى استفادة من افتتاح المتحف “يتطلب إكماله ببنية تحتية سياحية عالية الجودة، من فنادق ونقل وغير ذلك”.
ويعني هذا حل مشكلات، مثل النقل في مدينة القاهرة التي يقدر عدد سكانها بنحو 23 مليون نسمة. وجرى تجميل الطرق المؤدية إلى المتحف الجديد وبناء مطار جديد على بعد حوالي 25 كيلومترا من المتحف لتفادي الشوارع المزدحمة.
ونقلت السلطات المدخل إلى أهرامات الجيزة إلى الجانب الخلفي لتقليل الازدحام وإبعاد الزائرين عن إلحاح الوسطاء والباعة الجائلين الذين يتعاملون مع السائحين في المنطقة.
وقال وزير السياحة شريف فتحي الشهر الماضي إن مصر أضافت خمسة آلاف غرفة فندقية إلى 235 ألفا موجودة بالفعل، وتأمل في إضافة تسعة آلاف غرفة أخرى قبل نهاية العام.
 
															 
								 
			 
                               