عبدالله عبدالسلام
على مدى تاريخ النضال الفلسطيني.. ضد المحتل الإسرائيلي الغاصب، كانت هناك أصوات فلسطينية.. تصوِّب سهام النقد والتجريح إلى مصر ودورها؛ منتقدة هذا التوجه أو ذاك.
الأيام الماضية، بدا وكأن القضية ليست استمرار العدوان والقتل والتجويع – الذي تمارسه إسرائيل؛ بمباركة وتحريض أمريكا، كما جاء على لسان الرئيس ترامب، الذي دعا دولة الاحتلال لإتمام المهمة حتى القضاء على حماس – القضية كانت معبر رفح، وادعاء أن مصر تمنع دخول المساعدات.
تصريح غير مسؤول من أحد قيادات حماس عن الدور المصري. استخدام السفارات المصرية بالخارج للتظاهر والاحتجاج.. بمشاركة بعض المصريين والعرب.
في ظل هذه المواقف والتصرفات المؤسفة، أرجو ألا تضيع البوصلة منا.. كرأي عام مصري وعربي. الانسياق في الهجوم على الفلسطينيين.. عبر منصات التواصل، ووصول الأمر إلى تشويه النضال الأسطوري الذي يقومون به، والذي دفعوا ويدفعون نتيجته عشرات آلاف الشهداء، ومئات آلاف المصابين. لا يجب أبداً أن يكون الرد على تلك الأصوات، وهذه التحركات ضد الموقف المصري. فلسطين ليست هذا المسؤول أو ذاك.. مهما كانت أهميته. فلسطين هي الشعب الصامد، الرافض ترك أرضه في غزة.. رغم أن الموت والتجويع أمامه، والترحيل من خلفه. فلسطين هي أبناء القطاع.. الذين يستشهدون إما بضربة صاروخ من المحتل، أو عندما يحاولون الحصول على وجبة غذاء.
خطاب الكراهية ضد الفلسطينيين.. في الفضاء الإلكتروني العربي، وحملات التشويه والأحاديث الكاذبة.. عن تفريط الفلسطينيين في أراضيهم، تندرج تحت عنوان «ظلم ذوي القربى». يمكن للمرء أن يتفهم انتقاد قيادات حماس، أو أي فصيل آخر. لكن أن يكون الاتهام والتحريض ضد الشعب الفلسطيني، فهذا يعني أن هناك خطأً جسيماً غير معقول.
على مدى 78 عاماً منذ نكبة 1948، تعرَّض الفلسطينيون لأهوال ومآسٍ لم يتحمَّلها شعب آخر. كل الشعوب حصلت على حريتها واستقلالها، لكن الاحتلال الاستئصالي العنصري الإسرائيلي – وداعميه في الغرب – يمنعون عودة الحق لأصحابه. لا يجب أن يكون بعضنا في هذا المربع، ولو بالصمت أو انتقاد الضحية.
ليس معقولاً، ولا منطقياً.. أن يكون هذا هو الموقف من شعب يُقاد – بشكل ممنهج – إلى المحرقة، أو الإبادة الجماعية. شعب لا يجد حتى الطين ليأكله.. نتيجة حرب التجويع التي يتعرض لها. أحياناً أعجز عن تفسير زيادة موجات التعاطف العالمي مع الفلسطينيين، وحملات الضغط لوقف حمام الدم في غزة.. من شعوب لم تكن لها علاقة مطلقا بالقضية الفلسطينية، وفي نفس الوقت يخرج علينا البعض من بني جلدتنا.. ليهاجموا الفلسطينيين، ويرددون معلومات مضللة وغير صحيحة بالمرة.. عن تاريخهم، بل يصل بهم الأمر إلى الانتقاص من صمودهم، ومن تضحياتهم.
ألا يكفي ما يتعرضون له، ليس فقط في غزة والضفة والقدس، وبقية الأراضي الفلسطينية.. بل أيضاً عبر حملات الكراهية، التي تشنها إسرائيل في السوشيال ميديا؟!.
العام الماضي فقط، كان هناك 12 مليون منشور ضدهم. ليس انتقاداً أو سخرية، بل تحريض، ودعوات صريحة للعنف والتمييز والتهديد، والدعوة للترحيل القسري.
الفلسطينيون الآن في أشد الحاجة للدعم المادي والمعنوي العربي. وإذا لم نستطع ذلك، فإن الصمت أفضل من «شيطنة الفلسطينيين«.
نقلاً عن «المصري اليوم«