Times of Egypt

العرب يتنازلون وإسرائيل تتمنع!

M.Adam
عبدالله عبدالسلام 

عبدالله عبدالسلام..
منذ بداية القرن الحالي، استقر التعامل العربي مع إسرائيل على نمط معين.. بدا – من فرط تكراره – كما لو أنه أصبح قاعدة ثابتة. العرب يطرحون مبادرات سلام، أو يتلقون مبادرات أخرى. ما يجمع بينها، أنها تتضمن تنازلات عربية.. عن بعض ما كانوا متمسكين به من قبل. إسرائيل – من جانبها – ترفضها صراحة، أو تساوم على مزيد من التنازلات.
عام 2002، وافق الزعماء العرب في قمة بيروت 2002، على ما أصبح يسمى «مبادرة السلام العربية».. انسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي المحتلة عام 1967، مقابل التطبيع الكامل.
رفضت إسرائيل المبادرة، لأنها ستؤدي إلى عودة اللاجئين الفلسطينيين. ظلت الخطة تتردد على ألسنة السياسيين، وفي وسائل الإعلام، لكنها كانت قد انهارت فعليّاً، ولم يبقَ منها سوى تضمينها في بيانات القمم العربية اللاحقة. ثم جاء عام 2020، ليطرح ترامب في نهاية رئاسته الأولى ما سماه «صفقة القرن»، التي تقوم على تطبيع اقتصادي وسياسي عربي مع إسرائيل، مقابل دولة فلسطينية منزوعة السلاح.. لا علاقة لها بالقدس. وكما يقول د. عبدالعليم محمد – مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية – في كتابه الصادر مؤخراً: «القضية الفلسطينية.. من صفقة القرن إلى طوفان الأقصى»، فإن الصفقة لا يماثلها في التاريخ.. سوى إقدام روسيا وبروسيا (ألمانيا) وإمبراطورية النمسا – في أواخر القرن 18 – على تقسيم بولندا رغم أنف البولنديين. في ذلك الوقت، كان حق الغزو والاستعمار مُعترفاً به.. في إطار القانون الدولي. ترامب أراد إعادة عقارب الزمن مائة عام إلى الوراء، وما زال يعمل على ذلك.
ماذا كان رد الفعل العربي؟
الفلسطينيون رفضوها، والرأي العام العربي أيضاً. لكن بعض الحكومات العربية.. وجدت فيها «عناصر إيجابية تمثل قاعدة للانطلاق». بمقتضى الصفقة، جرى التطبيع بين إسرائيل وعدة دول عربية. لم يتحقق شيء على الإطلاق لصالح الفلسطينيين.. الذين عاملتهم الصفقة كمجرد سكان في أرضهم، وليس باعتبارهم مواطنين.. يشكلون شعباً، كما أنها نفت أن تكون الأراضي الفلسطينية محتلة. وبعد أن كان الشعار العربي: «الأرض مقابل السلام»، توارت كلمة الأرض وحل محلها الاقتصاد. جرى فك الارتباط، بحسب د. عبدالعليم محمد، بين السلام والتطبيع. المطبّعون الجدد زايدوا على حالات التطبيع السابقة (مصر والأردن). أصبح التطبيع ساخناً وشديد التفاعلية.
بعد خمس سنوات، طرح ترامب، في 4 فبراير الحالي، خطة جديدة. هذه المرة، الفلسطينيون في غزة ليسوا مواطنين، ولا حتى سكاناً. إنهم مؤقتون كالبدو الرُحّل، عليهم المغادرة دون عودة. رُكام منازلهم المدمرة.. نتيجة العدوان الوحشي ستتم إزالته، وبناء منتجع على غرار الريفييرا الفرنسية – وربما أجمل – على أنقاضها. حتى الآن، الموقف العربي رفض الخطة، ويستعد لإعلان بديل لها. لكن ترامب – رغم تقليله من تصريحاته الفجة بشأنها – ما يزال متمسكاً بها، ويقول إن لديه وسائل لتنفيذها.
تاريخ التنازلات العربية مستمر، وشراهة إسرائيل.. للحصول على أكبر مكاسب ممكنة في أعلى مراحلها. في ظل الضعف العربي، ليس في الإمكان أسوأ مما يحدث الآن!
نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة