عبدالله عبدالسلام
من الظلم اختزال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الحالية.. في كلمة رئيس ثرثار شتّام، كل ما يهمه أن يكيل المديح لنفسه، وليذهب الآخرون إلى الجحيم. هناك رؤساء.. قالوا كلمة حق في وجه رئيس ظالم، يستغل كونه رئيس الدولة العظمى الوحيدة.. للتنمر على بقية الدول، وابتزازها.
كلمة ترامب أكدت أن العالم.. يفتقد القيادة الأمريكية الموثوقة؛ الأمر الذي يعني أن هناك خللاً كبيراً، لابد من إصلاحه. وقد بدأ الإصلاح بالفعل – وإن على استحياء وبالتدريج – من خلال تحالفات تتشكل حالياً.. لمواجهة الاستفراد الأمريكي، وإصرار ترامب على قضم «الكعكة».. وحده.
الحروب والأزمات، التي لا توجد منطقة بالعالم.. إلا وتعاني منها، جعلت الحديث عن حرب باردة جديدة.. أمراً واقعياً. وإلا كيف نفسر العدوان الهمجي على غزة بدعم أمريكي، والحرب في أوكرانيا، وحروب الرسوم التجارية؟!
لذا لم يبالغ الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، عندما قال إن هناك حرباً باردة – كما في ثمانينيات القرن الماضي – لكن ليست هناك سياسة خارجية أمريكية.. للتعامل معها.
كأي رئيس يتمتع بالعقلانية والرشادة، كان متوقعا أن تتناول كلمة ترامب.. مواقف بلاده من أزمات العالم، وكيف تساعد في حلها، لكنه بدلاً من ذلك.. أمضى 58 دقيقة في تأنيب الآخرين، وتحذيرهم من أن الجحيم مصيرهم.. إذا لم يستمعوا لنصائحه.
كانت لديه أولويات أخرى. عقاب الأمم المتحدة، لأنها لم توافق على عرضه بترميم المبنى الرئيسي.. مقابل 500 مليون دولار، عندما كان مقاول عقارات.
… «كنت سأعطيكم أرضيات رخام، بدلاً من (البلاط) الذي أعطاه لكم من فازوا بالصفقة».. هكذا قال. حارب معركته الشخصية – ضيقة الأفق – مع عمدة لندن صِدِيق خان.. «السيئ للغاية، والذي سيطبق الشريعة الإسلامية.. على سكان العاصمة البريطانية»!
الرغبة في الحصول على نوبل.. جعلته يكذب، ويدَّعي أنه أوقف 7 حروب. تقمص شخصية القذافي.. متسائلاً عن سبب وجود الأمم المتحدة من الأساس (من أنتم؟!). تحدث باعتباره زعيم عصابة اليمين المتطرف، وليس رئيس أكبر دولة.
في مواجهة ذلك، لم يقف عدد من زعماء العالم صامتين.
الأمين العام للأمم المتحدة جوتيريش أكد أنه.. لا ينبغي أن نستسلم أبداً.
رئيس إندونيسيا قال.. إن القوة لا يمكن أن تكون على حق، بل الحق لابد أن يكون على حق. وأضاف: «لا يمكن لدولة واحدة.. التنمر على البشرية جمعاء. الظلم يوحدنا».
رئيس البرازيل.. حذر من أن طغيان حق الفيتو، يقوض جوهر الأمم المتحدة.
الأمر لم يتوقف عند الكلام فقط. فقبل اجتماعات نيويورك، بدأت الصين وروسيا والهند.. بناء تحالفات، لمواجهة تفرد أمريكا بقيادة العالم. نعم لا تزال المحاولات في بداياتها، لكن هناك من لا يصمت، ولا يسترضي ترامب.. على حساب بلاده.
نحن أمام إدراك متصاعد، أن الرئيس الأمريكي.. لا يقنع أبداً سوى بكامل الغنيمة. لا يهمه الفقراء، ولا الأصدقاء. فقط نفسه وبلاده.
بقي أن تنضم الدول الأخرى – خاصة في منطقتنا – التي ما تزال تخشى ترامب، أو تتوقع منه خيراً – إلى تلك الحركة العالمية المتنامية ضده.
من ينتظر أن يتغير ترامب، يراهن على الفشل.
نقلاً عن «المصري اليوم»