عمرو الشوبكي
بيانات الشجب والإدانة التي أصدرتها القمم العربية.. لم تعد تُسمن ولا تُغني من جوع، ومؤتمرات الجامعة العربية – التي لم تتوقف عن شجب العدوان الإسرائيلي – لم يعد لها قيمة حقيقية.. حتى لو عكست نيَّات طيبة وموقفاً مبدئياً. إلا أن العالم العربي – وخاصة الشعب الفلسطيني – لم يعد ينتظر بيانات شجب وإدانة، إنما إجراءات عملية ملموسة – حتى لو بدأت محدودة – في محاولة لردع إسرائيل، وبالشراكة مع معظم دول العالم.
لم تُسفر حتى اللحظة.. التحركات الرسمية العربية والدولية، من أجل الضغط على تل أبيب لوقف جرائمها.. عن أي تغيير فى السلوك الإسرائيلي، فقد استمرت في عدوانها، واقتحمت مدينة غزة.. في محاولة لنقل مليون فلسطيني من الشمال والوسط إلى الجنوب.. بالقرب من الحدود المصرية، بما يعني أن دولة الاحتلال تعمل في أرض الواقع، على تهجير جزئي لحوالي نصف مليون فلسطيني خارج غزة، بما يسمح لها بإقامة منطقة عازلة في شمال غزة، تُقدَّر ما بين 5 إلى 7 كيلومترات.
والحقيقة، أن العالم العربي في حاجة إلى تحويل القرارات وبيانات الشجب والإدانة.. إلى إجراءات تمتلك آلية للتنفيذ، تبدأ من المقاطعة الكاملة لدولة الاحتلال.. تجارياً واقتصادياً، وتنتهي برفض مرور طائراتها في أجواء كل الدول العربية والإسلامية، ومقاطعتها في أي محفل دولي، وممارسة دور تحريضي ضد سياساتها في كل عواصم العالم.
إن تحرُّك جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية، واتهامها لإسرائيل.. بارتكاب جرائم إبادة جماعية، كشف ضعف الموقف العربي، وجرأة الموقف الجنوب أفريقي، الذي أظهر فيه رجال قانونه ومسؤولوه السياسيون.. مهارة ومهنية فائقة؛ أثناء مرافعتهم أمام محكمة العدل، وأثبتوا حجم الجرائم الوحشية التي تُرتكب في غزة، واعتبرت المحكمة أن هناك شواهد.. على أن إسرائيل ترتكب جرائم إبادة جماعية، وطالبتها باتخاذ إجراءات تتعلق بحماية الشعب الفلسطيني، لم تلتزم بها إسرائيل.. كما هي العادة.
من المهم أن يتغير الأداء الرسمي العربي، ليكون أكثر فاعلية وخشونة.. تجاه الممارسات الإسرائيلية، وأن يضع آليات تنفذ ما يعلنه من قرارات وبيانات إدانة وشجب؛ ففي الاتحاد الأوروبي – الذي لا يزال حذراً في اتخاذ خطوات ملموسة نحو مقاطعة إسرائيل – هناك بعض دوله.. وعلى رأسها إسبانيا، قرَّرت مقاطعة إسرائيل تجارياً واقتصادياً. أما تركيا التي ظلت لفترة طويلة مكتفية بترديد خطاب سياسي وإعلامي رسمي حاد للغاية.. في مواجهة إسرائيل، فقد قررت الشهر الماضي قطع علاقاتها التجارية والاقتصادية معها، فالعبرة والحكم النهائي.. ليس ببيانات الشجب والإدانة، إنما بامتلاك آلية لتنفيذ ولو سطر، أو نقطة واحدة.. من هذه البيانات التي نسمعها فى كل المحافل العربية.
ما يجري حالياً في غزة.. من قتل وتهجير، يمثل تهديداً للأمن القومي العربي، وتهديداً مباشراً للأمن القومي المصري، وإن المواجهة لا تكون بالشجب والإدانة لم تعد تُجدي، إنما بإجراءات وخطة عمل واضحة.
نقلاً عن «المصري اليوم»