Times of Egypt

السياسة والثقة المفقودة!

M.Adam
عبدالله عبدالسلام 

عبدالله عبدالسلام


عبر العالم، يفقد البشر الثقة في السياسة والسياسيين.
نصف الناس – بحسب استطلاعات الرأي – يقولون إن من الصعب التمييز بين الحقيقة والخيال..
في تصريحات السياسيين. بدأ كثيرون العزوف عن الاهتمام بالسياسة.. بعد أن تحولت إلي
مناكفات حزبية، وشعارات بعيدة عن الواقع، ورغبة في الحصول علي النفوذ والثروة.. علي
حساب حياة الناخبين ومستقبلهم.
نسبة الإقبال على الانتخابات تنخفض.. بوتيرة منتظمة. عضوية الأحزاب تتراجع، إلا الأحزاب
الشيوعية الحاكمة.. التي تفرض العضوية الإجبارية. الناس لم تعد تهتم بما يقوله السياسيون
والوزراء، بل لا تعرف أسماءهم.
مركز «بيو» (الأمريكي) لاستطلاعات الرأي ..أجرى دراسة عن تراجع ثقة الأمريكيين في
حكومتهم – خلال الفترة من 1958 وحتى 2024 – فوجد أنه.. بينما كان 75٪ يثقون في الحكومة
قبل 67 عاماً، أصبحت النسبة 22٪ فقط.. العام الماضي.
قبل أيام قال جون ميجور – رئيس الوزراء البريطاني الأسبق – «إن السمعة التي تمتعَت بها
بريطانيا – كدولة خالية من الفساد والممارسات السيئة للسياسيين – تضاءلت، وتتضاءل
باستمرار». وأكد «ضرورة عكس هذا الاتجاه، وإلا أصبح الضرر لا يُحتمل».
بعض المسؤولين يتوهمون أنهم أناس طيبون.. يحاولون فعل الخير، إلا أن الظروف الاقتصادية
والتطورات السلبية العالمية.. تعاكسهم. ليس بالكلام ولا الوعود، يمكن استعادة ثقة.. فرّط فيها
السياسيون والمسؤولون عبر السنين. وحدها.. الأفعال على الأرض هي التي تساهم في عودة
الثقة.
أسلوب تعامل بعض المسؤولين مع تداعيات حادث استشهاد 19 فتاة والسائق يوم الجمعة
الماضية.. علي الطريق الإقليمي بمحافظة المنوفية، يساهم في زيادة فجوة عدم الثقة مع الناس،

الذين شعروا بأن ردود الفعل الرسمية.. لم تكن على المستوى. الاهتمام ضئيل، وإشعار الأسر
المنكوبة بأن الحكومة.. «ضهرهم» وسندهم عند الشدة، لم يصل.
هناك من تساءل: لماذا لم يتم إعلان حداد وطني، أو ذهاب الحكومة بأكملها.. إلى القرية لمشاركة
الأهالي أحزانهم؟
الإنصات إلى هموم الناس بداية استعادة الثقة. الشفافية والتأكيد علي مساءلة المخطئ، والوفاء
بالوعود أمور شديدة الأهمية. الناس أساساً.. لديهم شكوك في الموظف العام، بداية من مسؤول
مجلس المدينة، إلى مسؤولي الحكومة؛ ناتجة عن تراث طويل من الإهمال، وعدم المحاسبة،
وإطلاق الوعود بدون تنفيذ. التعامل الرسمي «الفاتر».. مع الحادث – على الأقل في البداية – أكد
تلك الشكوك. المطلوب منهج جديد.. في النظر لمشاكل المواطنين. من المهم إشراكهم في صنع
القرار؛ من خلال النقاش المجتمعي الدائم، واطلاعهم على المعلومات، وتعزيز الرقابة البرلمانية.
العنصر الأهم – في عودة الثقة – اقتناع الناس بأن البلد ملكهم، وأنهم يستطيعون المشاركة في
تغييره للأفضل، وأن الجميع سواسية أمام القانون.
من الضروري أن يعتقد المصريون أيضاً.. أن هناك جهوداً لتقليل التفاوتات الاقتصادية
والاجتماعية. الشعور بأن هذه التفاوتات نشأت لتبقى، علاوة على آثاره السلبية.. على العدالة
الاجتماعية والتماسك المجتمعي، يجعل بعض المصريين يعيشون أغراباً.. في الوطن.
الطريق لاستعادة ثقة الناس ذو اتجاهين؛ الأول: من المسؤول للمواطن، من خلال خطاب جديد..
يقول لهم: إنهم هم من أوصلوه لمنصبه، وأن بقاءه مرتبط بهم. الثاني: اقتناع الناس أن هذا
الخطاب، ليس مجرد أقوال.. بل أفعال.
نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة