عبدالقادر شهيب
إذا كان من المبكر توقع مستقبل سوريا – بعد سقوط بشار الأسد وهروبه المفاجئ والدرامتيكي، الذي ذكّرنا بهروب زين العابدين بن علي في تونس عام 2011 – فإنه من الممكن التأكد من حقيقة ثابتة؛ وهي أن السلطة لا تحمى أحداً من الممسكين بها، وأن المراهنة على غير الشعب.. للاحتفاظ بالسلطة، ولو كانت دول عظمى، لا يضمن تحقيق ذلك!
لقد سقط نظام بشار الأسد.. بشكل سريع ومفاجئ، رغم مقاومة هذا السقوط بكل السبل.. لأكثر من ثلاثة عشر عاماً متصلة، وبعد أن بدا أنه استعاد إحكام سيطرته على الدولة السورية – باستثناء الأراضي المتواجدة فيها قوات أجنبية – بل وبعد أن تم إنهاء المقاطعة العربية الرسمية له، وإنهاء تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية!
لم يدافع عنه الجيش، بل واصل – في الأيام الأخيرة – التراجع، وترك المدن لتستولي عليها المنظمات المسلحة.. وتسيطر عليها. ولم تدافع عنه أيضاً أجهزة الأمن.. التي كانت تأتمر بأمره وتحتفظ بمعارضيه في السجون، ولا روسيا التي وافق لها على إقامة قواعد عسكرية، والمنشغلة الآن بحربها في أوكرانيا.
وعجزت إيران – التي دافعت عنه لسنوات – عن حمايته من السقوط.. ومعها حزب الله اللبناني التابع لها، وذلك بعدما تعرضت له من إسرائيل. وذات الشيء حدث بالنسبة لحزبه وحكومته أيضاً، ولم تخرج الجماهير السورية للشوارع.. تطالب ببقائه.
لذلك، لم يجد مفراً من مغادرة البلاد كلها.. وليس مغادرة السلطة وحدها.
لم توفر له هذه السلطة – بكل أجهزتها ومؤسساتها – الحماية من السقوط ،وانهيار نظامه.
فقرر- كما تقول المعلومات الروسية – الاستسلام، وترك البلاد.. بعد مفاوضات أجراها مع قادة التنظيمات المسلحة، التي انطلقت خلال الأيام العشرة الأخيرة في السيطرة على المدن السورية.. واحدة تلو الأخرى، بدءاً بحلب وحتى العاصمة دمشق.
هذه هي الحقيقة.. التي أعادت التأكيد بها أحداث سوريا، وسقوط بشار الأسد..
نقلاً عن «فيتو«