تخلى الذهب عن بعض مكاسبه التاريخية وسط تهدئة التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، التي كانت قد أشعلت ارتفاعاته الحادة خلال أبريل الماضي، حين تجاوز مستويات قياسية عدة. ومع تبدد المخاوف الجيوسياسية، تراجع الإقبال على أصول الملاذ الآمن، وفي مقدمتها المعدن الأصفر، في وقت تتجه فيه أنظار الأسواق إلى البيانات الاقتصادية الأميركية وترقب خفض الفائدة.
أسعار الذهب تهبط مجددًا.. وتفقد 24 دولارًا في ساعات
تراجعت أسعار الذهب في التعاملات الفورية، صباح الأربعاء، بنسبة 0.8% أو ما يعادل 24 دولاراً، ليستقر عند 3226 دولاراً للأونصة.
كما انخفضت عقود الذهب الأميركية الآجلة (تسليم يونيو) بنسبة 0.6% أو بنحو 18 دولاراً إلى 3230 دولاراً للأونصة.
يأتي التراجع بعد أن سجل الذهب أمس الثلاثاء تعافيًا محدودًا بنسبة 0.5% ليصل إلى 3250.50 دولاراً للأونصة، مدفوعًا بعمليات اقتناص للصفقات عقب تسجيل أدنى مستوى في أكثر من أسبوع خلال جلسة الاثنين.
ورغم التراجعات الأخيرة، ما زال الذهب مرتفعًا منذ بداية العام بنسبة 22.5%، وكان قد سجل مكاسب تجاوزت 33% قبل التهدئة التجارية، محققًا رقمًا قياسيًا جديدًا في 29 مناسبة منذ مطلع العام.
الأسواق تراقب قرار الفيدرالي
لا تزال الأسواق تسعّر احتمال قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بخفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية خلال العام الجاري، رغم تأجيل بعض التوقعات للقرار إلى ديسمبر.
توقعت مؤسسات مالية كبرى في وول ستريت تأجيل أول خفض للفائدة إلى نهاية العام، بدلاً من منتصفه كما كان متوقعًا في السابق.
بحسب بيانات “فيدرال ماركت ووتش”، تتوقع الأسواق خفضاً إجمالياً قدره 55 نقطة أساس خلال 2025، مع بدء أولى خطوات التيسير النقدي المحتمل في سبتمبر.
من جانب آخر، عدّل بنك “جي بي مورغان تشيس” توقعاته بشأن الاقتصاد الأميركي، ليرجح عدم دخول الولايات المتحدة في ركود خلال 2025، ما قد يضعف مبررات خفض الفائدة سريعًا.
تصريحات ترامب وضغوط البيانات تضعف بريق الذهب
الذهب تلقى ضغوطًا إضافية بعد تصريحات للرئيس الأميركي دونالد ترامب، أعرب فيها عن تفاؤله بشأن التوصل لاتفاق تجاري نهائي مع الصين، مستبعدًا إعادة فرض رسوم جمركية مرتفعة على الواردات الصينية.
على صعيد البيانات، أظهرت أرقام وزارة العمل الأميركية ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 0.2% في أبريل، وهو دون التوقعات البالغة 0.3%، لكن أعلى من قراءة مارس التي سجلت تراجعاً بـ0.1%.
ارتفاع الأسعار يدعم الدولار ويُعطي الفيدرالي الأميركي مبررًا للإبقاء على الفائدة مستقرة دون خفض فوري، وهو ما يشكل ضغطًا إضافيًا على الذهب.
شهية المخاطر تنتعش.. والملاذات الآمنة تتراجع
مع تراجع حدة التوترات العالمية، يبدو أن الأسواق بدأت تتحول من أصول الملاذ الآمن إلى الأصول ذات المخاطر المرتفعة.
كتب فالنتين مارينوف، رئيس أبحاث العملات في بنك “كريدي أغريكول”، في مذكرة تحليلية: “هدوء الأوضاع الجيوسياسية والتجارية يعزز معنويات المستثمرين نحو المخاطر ويقلل الاعتماد على أصول الملاذ الآمن”.
أشار مارينوف إلى أن ذلك قد يكون في صالح الأسهم والعملات المرتبطة بالمخاطر، ويشكل تحديًا أمام العملات الآمنة مثل الين الياباني، والفرنك السويسري، وحتى اليورو.
كما أن تطورات إيجابية على الساحة الدولية، مثل وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان، واحتمالات لقاء بين زعيمي روسيا وأوكرانيا، قد تضيف مزيداً من الدعم لأسواق المخاطر.