Times of Egypt

الدين زعلك في حاجة؟

M.Adam
أمينة خيري  

أمينة خيري

كتبت كثيراً عن «سلفنة».. يخضع لها الشارع المصري بشكل صارخ. المسألة تجري بطريقة تبدو منظمة، وتكتسب زخماً وشعبية وانتشاراً، ولكن يصعب – على الأقل بالنسبة للمواطن العادي مثلي – وضع يده على المصدر، أو المموِّل، أو العقل المدبر.

المقصود.. هو نشر وغرس المزيد من التشدد المظهري والانغلاق الفكري، والتركيز بالطبع على المكون الأكثر قدرة.. على إشهار «الالتزام»، وإعلان الواجهة «الجديدة» لمصر.. التي لا تخطئها عين.

لا أتحدث عن جماعة بعينها، أو أفكار لها «أمراء» ومُنظرون ومخططون فقط. أتحدث عن «شغل عالي» يسابق الزمن، ونحن عنه غافلون. وبالطبع – وكما جرت العادةً – الوجه الآخر لإغراق الشارع في تشدد وانغلاق غير مسبوقين، ليس دعوة الناس للمشي بدون ملابس، وإقامة علاقات جنسية مفتوحة في الميادين والأزقة، إلى آخر النزق المعتاد.. والمستخدم بين العقول الضيقة، التي ترى الوجه الآخر للنقاب هو التعرِّي والدعارة.

أبحث عن مصر.. وسطية الفكر والتدين، أتحدث عن مصر.. صاحبة القوى الناعمة التي كانت صاحبةً سطوةً فنية رائعة، ومكانة ثقافية بازغةن وحضوراً فكرياً وأدبياً وإبداعياً وفنياً.. لا يضاهيها فيه أحد. هل يُعقل أن ينشغل الشارع – في عام 2025 ب- البحث عما إذا كانت الموسيقى حلالاً أم حراماً، وإن كانت الراقصة المعتزلة – التي ارتدت الحجاب ودعت الفتيات للحجاب.. لأن فرصة الزواج تكون أفضل – ستقبل توبتها ام لا. وكيف يصلي وفي أي اتجاه يصلي رواد الفضاء، ويتكالب على فتح خبر «شاهد الإطلالة الجريئة لفلانة».. حتى يصب عليها نيران التهديد بقبر ضيق، والوعيد بنيران جهنم؛ وذلك بعد أن يملأ عينيه بالنظر في «الإطلالة»، ويتساءل إن كان الترحم على عالم او فنان او إعلامي مسيحي.. رحل عن دنيانا، يجوز. ويسأل الشخص – الذي يعتبر نفسه «وسطياً» – إن كان يجوز له أن يحضر مراسم عزاء صديقه غير المسلم (رغم أنه سيتوجه إلى مكان العزاء مرتدياً ملابس صمَّمها غير المسلمين، راكباً سيارةً أو باصاً أو قطاراً صنعه غير المسلمين، ومستخدماً خريطةً وتطبيقاً صمَّمهما غير مسلمين.. على هاتف ابتكره وصنعه غير مسلمين، والقائمة طويلة ومعروفة).

منع الزوايا، ليس حرباً على الدين أو كراهية للمتدينين، أو منع الراغبين في الصلاة.. من الصلاة؛ هي تنظيم. إنها الزوايا التي عادت وانتشرت انتشاراً غير مسبوق، وتتمدد وتتوسع في داخل العديد من المصالح، والأماكن التجارية.. رغم أن المسجد المرخص على مرمى حجر. 

طلبنا إصلاح التعليم، والتأكد من أنه تعليم مدني.. قائم على قيم المواطنة، فأعدنا الكتاتيب. 

سألنا عن الغاية من تدشين مؤسسات دينية.. لجامعات ومعاهد.. تخرج ملايين «الفقهاء» – بالإضافة إلى الطب والفنون التطبيقية والترجمة – ولماذا لا تكون جامعات «مدنية» للجميع، فأخذت في التوسع والتمدد. حتى وسائل المواصلات العامة، بعد ما تم تطهيرها من «دروس الدين» – التي يلقيها سباك قرأ كتاباً في الدين، او مهندس حضر درساً في مسجد عادت – وحين تعترض، يرد عليك الركاب: وهو الدين زعلك في حاجة؟!.

نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة