شهد الدولار الأميركي تراجعاً واسع النطاق في مستهل تعاملات اليوم الإثنين، وسط موجة بيع من المستثمرين القلقين من تداعيات الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ما أدى إلى تدفق رؤوس الأموال نحو الملاذات الآمنة مثل الين الياباني والفرنك السويسري.
جاءت هذه التطورات عقب أسبوع عصيب في أسواق المال، خسر خلاله المستثمرون نحو 6 تريليونات دولار من القيمة السوقية للأسهم الأميركية، في ظل تصاعد المخاوف من دخول الاقتصاد العالمي، ولا سيما الأميركي، في نفق الركود.
وتأثرت العملات المرتبطة بالنمو بشكل ملحوظ، حيث تراجع الدولار الأسترالي بنسبة 0.73% ليصل إلى 0.6001 دولار، وهو أدنى مستوى له في خمس سنوات، فيما انخفض الدولار النيوزيلندي بنسبة 0.75% إلى 0.5554 دولار.
في المقابل، قفزت عملات الملاذ الآمن، إذ ارتفع الين الياباني بنسبة 1.3% ليسجل 144.95 مقابل الدولار، محافظاً على موقعه بالقرب من أدنى مستوى في ستة أشهر، بينما صعد الفرنك السويسري بأكثر من 1% إلى 0.85095 مقابل الدولار، بعد أن كان قد كسب 2.3% الأسبوع الماضي.
وعلى وقع التصعيد التجاري، أعلنت الصين سلسلة من الإجراءات المضادة يوم الجمعة، تضمنت فرض رسوم إضافية بنسبة 34% على الواردات الأميركية، وفرض قيود على تصدير بعض المعادن النادرة. كما أفادت بكين يوم السبت أن “السوق قد قالت كلمتها” في رفض الإجراءات الجمركية الأميركية.
وأكد أكثر من 50 بلداً تواصلهم مع البيت الأبيض لفتح قنوات تفاوض جديدة، في محاولة لاحتواء التوترات الناتجة عن القرارات الحمائية الأميركية، فيما يرى مراقبون أن تداعيات هذه الإجراءات بدأت تهز صورة الدولار كعملة ملاذ آمن.
وقال برنت دونيلي، رئيس شركة “سبيكترا ماركتس” المتخصصة في التحليلات المالية، لوكالة رويترز، إن “بيع الدولار مقابل الين كان المحور الرئيسي في السوق، لأنه مؤشر دقيق على الركود الأميركي وعلى اتجاهات عوائد السندات، التي تراجعت بشكل ملحوظ”.
وتأتي هذه التحركات في ظل قلق متزايد من تراجع النمو في الولايات المتحدة، الأمر الذي دفع المستثمرين إلى تقليص تعرضهم للأصول الأميركية، والتحول إلى أدوات استثمارية أكثر أماناً، مثل السندات الحكومية والذهب، اللذين شهدا طلباً كبيراً في الآونة الأخيرة.
وفي سوق العملات الأوروبية، ارتفع اليورو بنسبة 0.26% ليسجل 1.0994 دولار، فيما انخفض الجنيه الإسترليني بنسبة 0.13% إلى 1.2889 دولار، بحسب بيانات وكالة رويترز. أما على مستوى مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل سلة من العملات الرئيسية، فقد انخفض بأكثر من 0.4% إلى 102.48، بعد خسائر أسبوعية بلغت نحو 1%.
ويرى رودريجو كاتريل، كبير استراتيجيي العملات في بنك أستراليا الوطني، أن الدولار يعاني من “تدفقات خارجية واضحة، باعتبار أن الولايات المتحدة باتت محور الحرب التجارية”، مشيراً إلى أن المستثمرين يتجهون حالياً إلى “تنويع محافظهم بعيداً عن الأصول الأميركية”.
من ناحية أخرى، ارتفعت رهانات الأسواق على خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة خلال العام الجاري، في محاولة لاحتواء تداعيات التباطؤ المحتمل. وتشير العقود الآجلة إلى احتمال خفض الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس بحلول ديسمبر المقبل، رغم تأكيد رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، في تصريحات يوم الجمعة، أن من المبكر تحديد الاستجابة المناسبة من جانب السياسة النقدية.
وفي آسيا، تتوجه الأنظار نحو بنك الشعب الصيني لرصد كيفية تثبيت سعر صرف اليوان، مع ترقب إشارات حول مدى قدرة بكين على تحمل الضغط الناجم عن تراجع العملة. وفي هذا السياق، استقر سعر صرف اليوان في السوق الخارجية عند 7.2861 للدولار قبيل افتتاح التداولات في السوق المحلية، بينما كانت الأسواق الصينية مغلقة يوم الجمعة بسبب عطلة رسمية.