Times of Egypt

الحجج الإسرائيلية

M.Adam
عمرو الشوبكي 

عمرو الشوبكي

كارثة الهجوم الإسرائيلي على بعض قادة «حماس» في قطر.. لا تكمن فقط في ارتكاب جريمة انتهاك سيادة دولة عربية، ولا في أنها استهدفت سياسيين مدنيين.. وليس عسكريين ومقاتلين، وإنما أيضاً في الحجج الخائبة التي قالها مندوب إسرائيل في مجلس الأمن، وعكست درجة من التدليس والكذب غير مسبوقة، وأيضاً تجاوز كل الخطوط الحمراء.. المتعارف عليها في أي تقاليد دبلوماسية عرفها العالم في نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية.

فقد هدَّد قطر بتكرار الضربات الإسرائيلية، إذا استمرَّت في استضافة من وصفهم بالإرهابيين – أي قادة «حماس» المفاوضين – وكأن إدانة مجلس الأمن للهجوم الإسرائيلي (دون أن يسميها).. مجرد حبر على ورق، ونسي مندوب الاحتلال.. أن قادة «حماس» بقوا في قطر بناءً على طلب من حكومته، ومن الإدارتين الأمريكيتين السابقة والحالية. وأن الإفراج عن الدفعة الأولى من المحتجزين الإسرائيليين في مطلع هذا العام.. تم بوساطة مصرية-قطرية، ولولا وجود وفد «حماس» في قطر أو مصر، لما تمت هذه العملية، ولما كانت هناك من الأصل مفاوضات.

أخطر ما تمارسه إسرائيل حالياً.. أنه لم تعد مشكلتها فقط مع «حماس»، ولا مع محور الممانعة؛ وإنما مع دول ظلت من أركان الاعتدال في المنطقة، التي تقوم بدور الوساطة بين إسرائيل و«حماس».. برعاية أمريكية، بل وقدَّمت للرئيس ترامب من الهدايا الكثير، ووقعت على صفقات تجارية.. قال الأخير عنها إنها أعادت الحياة لشركات أمريكية، كانت مهددة بالتوقف عن العمل.

ما قاله مندوب دولة الاحتلال – في جلسة مجلس الأمن – يقضي على مسار التفاوض، بل يرفضه من الأساس.. بتهديده الدولة التي استضافت طرفي التفاوض، بالاعتداء عليها مرة أخرى.

… منطق التفاوض قائم على تقديم التنازلات، والوصول لحلول وسط وتسويات سلمية، وهي كلها أمور باتت ترفضها إسرائيل، بل أسس اليمين المتطرف مشروعه.. على رفض التسوية السلمية؛ منذ اتفاق أوسلو، وحتى محاولة اغتيال الوفد الحمساوي المفاوض في قطر.

لقد بات واضحاً أن إسرائيل «الجديدة»، تختلف بقيمها وفكرها ومجتمعها عن إسرائيل التي وقعت اتفاقية سلام مع مصر، واتفاق أوسلو مع منظمة التحرير؛ فقد كان وقتها من بين المتشددين.. من يؤمن بإمكانية التنازل عن أرض محتلة، لصالح التسوية السلمية. وكانت هناك تيارات تؤمن بالسلام والتسوية السلمية، ويسار يدافع عن حق الفلسطينيين.. في دولة مستقلة. كل هؤلاء تحوَّلوا حالياً من تيارات إلى أفراد، وأصبحت غالبية المجتمع داعمة للإبادة الجماعية، والقتل العشوائي، واستهداف الأطفال، واستباحة سيادة الدول الأخرى.

عدوان إسرائيل على الدوحة.. أثبت – في الواقع العملي – أنه لا حصانة لأي تحالف عسكري واستراتيجي، أو شراكة اقتصادية مع أمريكا.. أمام إسرائيل؛ فقد أصبح العالم أمام دولة استثناء، لديها حصانة خاصة، وفوق أي قوانين دولية، ويمكن أن ترتكب أي جريمة دون حساب.. لأن أمريكا ستدعمها وتحميها.

نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة