أعلنت الرئاسة الجزائرية الأربعاء العفو عن الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال بعد سجنه لمدة عام في قضية تسببت بتوتر العلاقات الدبلوماسية مع باريس، ووافقت على نقله إلى ألمانيا لتلقي العلاج.
وذكر بيان الرئاسة الجزائرية ان الرئيس عبد المجيد تبون تلقى طلبا “من السيد فرانك فالتر شتاينماير، رئيس جمهورية ألمانيا الفدرالية الصديقة، يتضمن إجراءَ عفوٍ لفائدة بوعلام صنصال”.
وتابع “وقد تفاعل السيد رئيس الجمهورية مع هذا الطلب، الذي شد اهتمامه، لطبيعته ودواعيه الإنسانية. و (…) قرّر رئيس الجمهورية التجاوب إيجابيا مع طلب فخامة رئيس جمهورية ألمانيا الفدرالية، الصديق”.
يأتي هذا الإعلان بعد طلب من اجل “لفتة إنسانية” وجهه الاثنين الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير إلى نظيره الجزائري.
واقترح شتاينماير أن يحصل بوعلام صنصال على العلاج الطبي في ألمانيا “نظرًا لتقدمه في السن (…) ووضعه الصحي الهش”.
وأوضح بيان الرئاسة الجزائرية “ستتكفل الدولة الألمانية بنقل المعني وعلاجه”.
من جانبه، أعرب رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكورنو الأربعاء عن “ارتياح” الحكومة، مضيفا أنه يأمل أن يتمكن الكاتب من “الانضمام إلى عائلته في أقرب وقت ممكن” و”تلقي الرعاية”.
كانت عائلة الكاتب البالغ من العمر 81 عامًا قد أعربت عن قلقها بشأن صحته، مشيرة إلى أنه يتلقى علاجًا لسرطان البروستاتا.
وقالت ابنته صبيحة الأربعاء عبر الهاتف من الجمهورية التشيكية حيث تعيش “كنت متشائمة بعض الشيء لأنه مريض وكبير في السن وقد يموت هناك. كنت متشائمة ولكنني كنت دائما مؤمنة. ظللت آمل أن يحدث ذلك يوما ما”.
في نهاية آذار/مارس، خلال فترة قصيرة من التقارب مع الجزائر، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى “بادرة إنسانية” لصالح الكاتب.
لكن في الأول من تموز/يوليو، أكدت محكمة الاستئناف بالجزائر حكمًا بالسجن لمدة خمس سنوات صدر في الدرجة الأولى في 27 آذار/مارس ضده.
واتُهم بـ”المساس بالوحدة الوطنية” بسبب تصريحات أدلى بها في تشرين الأول/أكتوبر 2024 لوسيلة الإعلام الفرنسية اليمينية المتطرفة “فرونتيير”، حيث اعتبر أن الجزائر ورثت من الاستعمار الفرنسي أراض من غرب الجزائر مثل وهران ومعسكر، التي كانت تنتمي سابقًا، حسب رأيه، إلى المغرب.
لإقناع نظيره الجزائري بالعفو عن الكاتب، أكد الرئيس الألماني أن مثل هذه اللفتة ستكون “تعبيرا عن روح الإنسانية وبُعد النظر السياسي”.
وقال إن الأمر “سيعكس علاقتي الشخصية طويلة الأمد مع الرئيس تبون والعلاقات الجيدة بين بلدينا”.
– زيارة مرتقبة لألمانيا –
في مقابلة طويلة أجريت في سبتمبر الماضي، تحدث الرئيس الجزائري عن إمكانية زيارته لألمانيا في نهاية عام 2025 أو بداية عام 2026. ولم يتم تقديم أي تاريخ منذ ذلك الحين.
وسبق لتبون ان تعالج في ألمانيا حيث قضى ثلاثة اشهر بين نهاية 2020 وبداية 2021 بعد إصابته بكوفيد.
يُعتبر صنصال الذي حصل على الجنسية الفرنسية في عام 2024، شخصية بارزة في الأدب الفرانكفوني الحديث في شمال إفريقيا، وهو معروف بانتقاداته للسلطات الجزائرية والإسلاميين.
وتطالب فرنسا منذ أشهر بالإفراج عن الروائي والكاتب الذي تم توقيفه في مطار الجزائر في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2024.
زاد سجنه من تعقيد خلاف بين باريس والجزائر بدأ في تموز/يوليو 2024 بعد اعتراف فرنسا بخطة حكم ذاتي “تحت السيادة المغربية” للصحراء الغربية.
وهذا الإقليم الذي تعتبره الأمم المتحدة غير متمتع بالاستقلال، موضوع نزاع منذ 50 عامًا بين المغرب والجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو) المدعومة من الجزائر والمطالبة بالانفصال.
ما زالت باريس والجزائر عالقتين منذ اكثر من عام في أزمة دبلوماسية غير مسبوقة، تجلت في طرد الموظفين من كلا الجانبين، واستدعاء السفراء من كلا البلدين، وفرض قيود على حاملي التأشيرات الدبلوماسية.
ولعبت كل من ألمانيا وإيطاليا دور الوساطة خلف الكواليس من أجل العفو عن الكاتب. وانتشرت شائعات بالفعل في الصيف حول احتمال نقله إلى ألمانيا.
تتمتع برلين بتقليد طويل في استقبال المعارضين والقادة المرضى في مستشفى “شاريتي” الخيري، وهو أحد أكثر المستشفيات شهرة في أوروبا.