Times of Egypt

الجرائم المدرسية الأخيرة.. حالات فردية أم ظاهرة اجتماعية؟

M.Adam
زياد بهاء الدين 

زياد بهاء الدين

المجتمع مصدوم وغاضب.. مما صار معروفًا عن الجرائم المدرسية الأخيرة، ومما قد يكون خافيًاً.. إذا كنا أمام ظاهرة أكبر. ولهذا، فلا يكفي متابعة التحقيقات والقضايا الجارية، بل علينا التفكير في أسباب هذا السلوك الإجرامي المنحرف وآليات مواجهته.

أسباب كثيرة طُرحت في الأسابيع الماضية، دعوني أستعرضها وأعلق عليها:ارتباط الجرائم بالمدارس الخاصة؟ لا أظنه رأياً سليماً؛ لأن مفهوم «المدارس الخاصة».. يضم أنواعاً كثيرة، بعضها أفضل وأشد رقابة من المدارس الحكومية، وبعضها سيئ للغاية.. ومجرد مشاريع تجارية غير تعليمية بالمرة.ضعف الوازع الديني والأخلاقي؟ أكيد أن مرتكبي هذه الجرائم.. لا اعتبار عندهم لدين ولا أخلاق ولا إنسانية. ولكن لا أظن أن زيادة البرامج والدروس والمحاضرات.. كان سيمنع وقوع هذه الجرائم، أو يُحدُّ منها مستقبلاً؛ خاصة أننا شعب لا ينقصه الوازع الديني، ولا ينظر باستخفاف لهذا السلوك المشين.

تفكك الأسرة نتيجة عمل المرأة؟ لا أوافق هذا الرأي مطلقاً؛ لأن عمل المرأة وضع طبيعي وصحي، ويحقق تكافؤاً وتوازناً أسرياً، كما أن الغالبية الساحقة من السيدات العاملات – في رأيي الخاص – لا ينشغلن عن أبنائهن وبناتهن، بل يبذلن جهداً خارقاً.. للتوفيق بين العمل والمنزل، ولهن كل الاحترام والتقدير.الحالة الاقتصادية والفقر؟ الربط بين الفقر والمشاكل الاجتماعية سهل، وقد يكون فيه شيء من الصواب؛ خاصة حينما يكون مصدراً للشعور بالعُزلة والعداء للمجتمع.

ولكنه ليس كافياً لتفسير الجرائم الجنسية الأخيرة، لأن الإنسان السوي – مهما كانت ظروفه الاقتصادية – لا يفكر أو يتصرف بهذا الأسلوب بالغ الشذوذ والانحراف. لهذا نحتاج لفهم أعمق لطبيعة هذه الجرائم ودوافعها.ضعف العقوبة؟ لا أظن ذلك، لأن العقوبات الموجودة بالفعل في القوانين الحالية.. رادعة بما يكفي، وليس الحل التشديد منها، بل ربما تطبيق ما هو قائم بكفاءة وحسم.

غياب الرقابة المدرسية؟ بالتأكيد، ولكن ما المقصود بالضبط؟ غياب المتابعة من الوزارة؟ أم نقص القوة العاملة في المدارس؟ أم عدم تدريب المعلمين على رصد سلوك التلاميذ المتعرضين للانتهاك؟ أم نقص كاميرات؟! نحتاج لفهم نوع الرقابة المطلوبة كي يمكن متابعة تشديدها.الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي؟ أكيد الأكيد. وهذه ليست ظاهرة مصرية، بل موضوع يشغل العالم كله. وقليل من الدول نجح في تنظيمه بشكل فعال.

آخر محاولة جاءت من أستراليا التي أصدرت – نهاية الشهر الماضي – تشريعاً يحظر استخدام الأطفال دون السادسة عشرة.. لوسائل التواصل الاجتماعي (وقد دخل حيز النفاذ قبل أيام فقط)، وهو يضع عبء المتابعة على شركات التواصل الاجتماعي ذاتها.

ولكنه قانون خلافي، أولاً: لصعوبة تطبيقه، وثانياً: لأنه سيدفع الأطفال نحو ما يسمى «الإنترنت الأسود»؛ حيث المواقع المستترة التي تروج للعنف والانحراف والإباحة والتطرف في كل المجالات.. ولكن علينا – على الأقل – الاهتمام بالموضوع، ومتابعة مستجداته، والتعامل معه بجدية.

لا أزعم خبرة في علم النفس للتصدي لهذا الموضوع الشائك، ولكن قصدتُ أن أطرح أهمية التعامل معه.. من منظور أوسع من مجرد متابعة القضايا الجارية، وأن أدعو الخبراء للمشاركة فيه، وتقديم رؤاهم ومقترحاتهم.

مع خالص التمنيات للتلاميذ المعتدى عليهم وأهلهم.. بالصبر والقوة، وتجاوز هذه المحنة، وبأن ينال كل من يثبت ارتكابه لهذه الجريمة البشعة.. ما يستحقه من العقوبة والجزاء.

نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة