عمرو الشوبكي
ما زالت إيران.. متمسكة بشروطها للعودة إلى طاولة المفاوضات مع أمريكا، وتقول إنها لن تتنازل عن حقها في تخصيب اليورانيوم.. للأغراض السلمية، بل طالب وزير خارجيتها – الأسبوع الماضي – الولايات المتحدة، بأن تدفع لبلاده تعويضات.. عن الخسائر التي لحقت بها جراء حرب الـ 12 يوماً. أما أمريكا فقد تمسكت – من جانبها – بشروطها.. «صفر تخصيب»، وزادت من حجم العقوبات التي فرضتها على إيران؛ بما يعني أن الهوة بين الجانبين ما زالت واسعة، رغم توقف الحرب، ورغم تقدير البعض.. بأن كليهما يضع شروطه القصوى، قبل العودة للتفاوض مرة أخرى.
الحقيقة.. في معضلة اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل وأمريكا، أنه لم يحل – حتى الآن – مشكلة البرنامج النووي الإيراني، رغم المفاوضات الاستكشافية.. التي تجريها طهران مع الجانب الأوروبي؛ فقد اعتبرت أنها انتصرت في حربها ضد إسرائيل، وأعلنت عدم تعاونها مع رئيس وكالة الطاقة الذرية، وتمسكت بتخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية، ورفضت الموقف الأمريكي الإسرائيلي: «صفر تخصيب». وكلها مواقف، تشير إلى أن إيقاف الحرب لا يزال بعيداً.. عن أن يصبح علاجاً نهائياً، يؤدي إلى اتفاق تسوية شاملة.. تدمج إيران في المنظومة العالمية.. حتى لو سمح لها بهامش نقد واعتراض.
أما حليف إيران الأول.. حزب الله في لبنان، فما زالت مشكلة سلاحه قائمة حتى اللحظة، رغم محاولات رئيس الجمهورية.. أن يجد حلاً سياسياً لها، فاجتمع قبل أيام مع «الثنائي الشيعي» (أي حزب الله وحركة أمل) من أجل الاتفاق على حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية.
من الوارد، أن يحسم الاتفاق مع حزب الله.. مسألة تسليم معظم سلاحه للدولة اللبنانية. لكنه لن يحسم قضية «أيديولوجيا الحزب»، ولا طموحاته.. في العودة للصيغة القديمة التي سبقت الحرب، ولا في مناكفة بيئته الحاضنة.. لمؤسسات «العهد الجديد»؛ خاصة وأنها اعتادت أن تؤسس كيانات موازية للدولة اللبنانية، مدعومة من إيران.. حليف الحزب العقائدي والعسكري والسياسي.
إن تسوية قضية سلاح حزب الله، هي بداية طريق طويل وشاق.. لبناء منظومة سياسية لبنانية، قادرة على دمج الجانب الأكبر من أنصار حزب الله، والمتعاطفين معه.. في مؤسسات العهد الجديد. إن قضية إيران وأذرعها وحلفائها في المنطقة.. مازالت شائكة، لن يحسم مستقبلها اتفاق وقف إطلاق النار، الذي جرى مع إسرائيل.. لأن المفاوضات بشأن مستقبل مشروع إيران النووي مازالت متعثرة.
لا يجب رفض أي اتفاق – ولو مؤقت – يحقن الدماء في أي منطقة في العالم، إنما يجب الوعي أن هذه الاتفاقات.. التي شهدتها المنطقة؛ سواء مع إيران أو لبنان، وربما غزة.. لا تعني أنها أصبحت تسويات نهائية ستجلب السلام للمنطقة؛ لأن التسويات الكبرى لم تتم بعد. وأن تخلي إيران عن مشروعها النووي – الذي اعتبرته لعقود، رمزاً لمشروعها المقاوم – سيعني فقدانها جانباً رئيسياً من شرعية نظامها.
نقلاً عن «المصري اليوم»