عمرو الشوبكي
لم تتوقف التحركات المصرية.. من أجل التوصل لوقف إطلاق نار بين إسرائيل وحماس، وبذلت – على مدار أشهر – جهوداً مضنية في مفاوضات الوساطة بمشاركة قطر والولايات المتحدة، وما زالت تحاول إدخال المساعدات إلى غزة.. بالتفاهم – الذي لا مفر منه – مع الجانب الإسرائيلي الذي يسيطر على الجانب الفلسطيني من المعبر.
ومع ذلك، فإن التحركات المصرية تحتاج إلى سرعة أكبر؛ بحيث لا تبدو وكأنها رد فعل.. على اتهامات جاءت من مختلف الأطراف؛ بمن فيهم إسرائيل! التي سبق أن حمَّلت مصر بكل بجاحة.. مسؤولية إغلاق المعبر، وردت القاهرة على الاتهام الإسرائيلي بعد إعلانه في محفل دولي، في حين كان مطلوباً منها أن تبدأ باتهام إسرائيل – منذ اليوم الأول – بمسؤوليتها عن هذه الجريمة. لا أن تنتظر لترد على اتهامها.
إن الرد على كل الاتهامات – السابقة والحالية – التي وُجِّهت لمصر أمر لا بد منه، ولكن يجب أن تكون هناك سياسة استباقية.. أكثر جرأة، وتنطلق من تحركات شاملة.. في كل المحافل الدولية، لوقف الحرب، وإنقاذ أهل غزة من الجرائم الإسرائيلية.
طبيعي أن ترد مصر على الاتهامات التي تُوجَّه لها، رغم أنها تعرف أن جانباً من هذه الاتهامات.. يأتي بغرض تصفية الحسابات، وليس بغرض الإصلاح، أو حتى نقداً للأداء العام. ولكن – في الوقت نفسه – يجب التأكيد على أن الرأي العام المصري والعربي والعالمي لا يشكله أساساً.. أصحاب المواقف الثأرية، مهما ارتفع صوتهم، إنما أيضاً.. حسن أو سوء الأداء العام، والأخطاء التي ترتكب، وسياسة رد الفعل. وإنه مطلوب التمييز.. بين مترصدين مع سبق الإصرار والترصد، وبين رأي عام محيط.. يحتاج لإقناعه؛ بجهد وأداء مختلف، أكثر كفاءة وأكثر سياسية، ويضع – في صلب خطابه – التضامن مع غزة، وليس فقط دعم التحرك المصري.
إن جوانب الخلل في الأداء الداخلي واضحة، والمطلوب لتعديلها المشاركة الفعالة.. في الحملات القانونية والسياسية والإعلامية، لمواجهة جرائم الإبادة الإسرائيلية، كما فعل قادة جنوب إفريقيا، وكثير من زعماء أمريكا الجنوبية. وأن نكون شركاء – مع حلفائنا الأوروبيين (وليس مجرد داعمين) – في تحركهم للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
إن مصر مصنفة.. كدولة اعتدال، منذ توقيعها على معاهدة سلام مع الجانب الإسرائيلي، وهي ما زالت تتحرك داخل هذا الإطار، وهو ما يلقي عليها مسؤولية أن تصبح دولة «اعتدال فاعل»؛ بمعنى أن تشارك بفاعلية في حملات المقاومة المدنية والسياسية.. خاصة بعد أن أضعفت حرب غزة محور المقاومة المسلحة، وصارت المعركة مدنية وشعبية وإنسانية وقانونية، من الواجب خوضها.
لن يفيد التحركات المصرية، ولا دورها الهجوم الإعلامي – الذي يشنه البعض على القضية الفلسطينية – لأن التحديات التي تفرضها السياسات الإسرائيلية الجديدة.. تجاوزت – كثيراً – حركة حماس، وصارت تهدد الجميع.
نقلاً عن «المصري اليوم»