عمرو الشوبكي
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.. قبل أيام – عقب اجتماعه مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين – توصُّل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى اتفاق تجاري.. سيمثل أساس الشراكة بينهما؛ وذلك بتخفيض قيمة الرسوم الجمركية الأمريكية.. من نسب تراوحت بين 25 و30% إلى 15% .. على جميع السلع الواردة من الاتحاد الأوروبي. ويمثل الاتفاق أيضًا تخفيفًا لضرائب الاستيراد، التي هدد «ترامب» بفرضها بقيمة 30%. وأكد «ترامب» أن الاتحاد الأوروبي – المكون من 27 دولة – سيفتح أسواقه أمام المصدرين الأمريكيين، مع إعفاء كامل من الرسوم الجمركية لبعض المنتجات.
وذكر الرئيس الأمريكي.. أنه – بموجب الاتفاق – سيعزز الاتحاد الأوروبي استثماراته في أمريكا.. بمقدار 600 مليار دولار، وسيشترى معدات عسكرية أمريكية.. بمئات المليارات من الدولارات، وسينفق 750 مليار دولار.. على قطاع الطاقة الأمريكي.
لم يختلف المدخل الذي اتبعه الرئيس الأمريكي مع خصومه.. عما فعله مع حلفائه؛ فالتهديد بفرض الرسوم على الصين، لم يختلف كثيرًا عما قاله بالنسبة لكندا وأوروبا.. أقرب حلفاء أمريكا. وبات من الواضح، أن الأسس التي قامت عليها الشراكة الأمريكية-الأوروبية.. من قيم ليبرالية مشتركة، ودولة قانون، تراجعت تمامًا.. أمام مفاهيم الصفقات التجارية والأرباح المالية.
فـ«ترامب» ينطلق من أن القوة فوق القانون، وأن الصفقة التجارية.. أهم من القيم المشتركة، وتدل سياساته على أنه مستعد لكسر المعايير والقوانين الدولية.. لتعزيز المصالح الأمريكية. ومن المرجح أن يؤدي شعار «أمريكا أولًا»، إلى فك الارتباط بكثير من المؤسسات الأممية؛ كما حدث مع منظمة الصحة العالمية، بالإضافة إلى الإغلاق المفاجئ للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، فضلًا عن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقيات تمويل الحفاظ على المناخ؛ وهو ما سيضع المزيد من الأعباء.. على دول الاتحاد الأوروبي، باعتبارهم أكبر مانحي المساعدات الخارجية في العالم.
ورغم أن دول الاتحاد الأوروبي رفضت توجهات «ترامب»، وأدانت قراره بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، بينما تسعى معظم الدول الأوروبية إلى حمايتها، والحفاظ على مكانتها الدولية، إلا أنها لم تنجح في إيقاف قرار الرئيس الأمريكي – أو تعديله – وقبلت منطقه التجاري، وركَّزت – في مفاوضاتها معه – على قضية الرسوم الجمركية، وتراجعت أهمية القضايا القانونية – المتعلقة بالقيم والمبادئ المشتركة، واحترام مؤسسات الشرعية الدولية – على طاولة المفاوضات.
لقد تراجعت قدرة أوروبا على فرض احترام القضايا المتعلقة بالشرعية الدولية، وضرورة تنفيذ قرارات الأمم المتحدة.. حتى لو أعلنت أنها تحترمها، ولكنها لا تناضل من أجل تنفيذها.. كما «يناضل» ترامب من أجل هدمها. وذلك لأسباب كثيرة، منها تصاعد تأثير التيارات اليمينية المتطرفة في أوروبا، التي تتبنى جانبًا كبيرًا من خطاب «ترامب»، وصارت تحكم – منذ أكثر من عقد من الزمان – بلداً مثل المجر، وأيضًا بشكل مخفف بلداً مثل بريطانيا، وتصاعد حضورها في كل من فرنسا وألمانيا.
نقلاً عن «المصري اليوم«