Times of Egypt

البحث عن مصير الدولة الصهيونية

M.Adam
أحمد الجمال

أحمد الجمال

اتجه تفكيري إلى إسبرطة «المدينة الدولة».. التي تأسست في منطقة البلوبونيز في اليونان، واعتمدت أسلوب العسكرة الشاملة.. للمجتمع للسيطرة على ما جاورها من مناطق، وفي حسم الصراعات الداخلية والخارجية.

وكان هذا الاتجاه ضمن محاولة استقراء تاريخية.. لما آل إليه مصير ذلك النوع من المجتمعات، وماذا كانت عوامل اضمحلاله وسقوطه واختفائه.

وبالطبع، فإن الدولة الصهيونية.. هي من كانت وستبقى وراء محاولاتي، لأنني ضمن ملايين يذبحهم معنوياً ويدمرهم إنسانياً.. الافتراء المفرط، المتجاوز لكل الضوابط، الذي يمارسه الصهاينة.

وعندما استغرقت في قراءة التاريخ اليوناني القديم.. وجدتُ أن إسبرطة – التي وصفت تاريخياً بأنها نموذج العسكرة والخشونة والعدوان – احتلت أراضي غيرها، وربما كان التشابه.. تحويل المجتمع لثكنة عسكرية، وتنشئة المواطنين من سن مبكرة.. على الخشونة والقوة؛ إذ تحكي بعض المراجع أنه كانت لدى الإسبرطيين هيئة – أو جهة – تقوم بفحص المواليد من الأطفال الذكور، لترى هل أن حالته الصحية وبنيته الجسمانية.. تجعله صالحاً ليكون جندياً أم لا. وإذا لم يجدوه كذلك.. ألقوه من حافة الجبل؛ إذ لم يكن لديهم وقت لتربية طفل مريض أو معاق.

ثم تتم تنشئة الطفل.. ليكون عارياً حافياً من ميلاده إلى سن السابعة. ومن السابعة إلى الثانية عشرة.. يستمر عُريه وحفاؤه، مع تعلمه القليل من فنون الحرب. ثم من الثالثة عشرة إلى الثامنة عشرة.. يُدرَّب على القتال، ويسمح له بالدخول في أسواق وشوارع إسبرطة، للسرقة والنهب. ومن الثامنة عشرة إلى العشرين.. يتخصص في نوع واحد ووحيد من الأسلحة.

ولأجل ألا ينشغل بغرائزه عن مهمته الحربية، فقد كان الذكور والإناث يذهبون إلى المناطق الجبلية عراة.. وهم في سن التاسعة عشرة، للتعوُّد على كسر الشهوة وجعل الأمر عادياً، ثم من سن العشرين للثلاثين يكون الرجل محارباً، وبعد الثلاثين.. يسمح له بالتحول لمواطن مدني، يتزوج ويستقر.

للمعلومات، فإن إسبرطة تأسست حوالي عام 900 قبل الميلاد – عبر تجمُّع لبعض القرى في منطقة البلوبونيز اليونانية – وكان اتجاهها للعسكرية.. ناتجاً عن خوضها حروباً طويلة مع جيرانها، ومنهم أثينا.. التي خاضت معها حرباً شرسة، استمرت خمسة وعشرين عاماً، ولم ينتهِ الصراع بينهما.. إلا عندما اندفعت جيوش الفرس باتجاه اليونان؛ فيما عُرف بالحروب الميدية، فاتحدت أثينا مع إسبرطة عام 481 قبل الميلاد. 

ويذكر المؤرخون أن إسبرطة صارت دولة.. لا تعرف غير الحرب، بعد انتصارها في الحرب الميسينية الثانية، التي ابتكر فيها الإسبرطيون تكتيكاً.. قائماً على تنظيم الجيش في كتائب مشاة، مدججة بكافة أنواع الأسلحة – أي الرماح والسيوف والتروس والدروع وواقيات الأطراف – وهو تكتيك انتشر في حروب العالم بعد ذلك.

ورغم ذلك – وبسبب إمعان إسبرطة في التوسع وفرض حكمها على مناطق أخرى، واستمرار عسكرة مجتمعها من أجل دوام الحروب – كانت نهايتها بسلسلة من الهزائم العسكرية؛ وأبرزها هزيمتها أمام جيش «مدينة دولة» يونانية أخرى.. هي طيبة، في معركة «ليوكترا» عام 731 قبل الميلاد، وكانت طيبة اليونانية لعبت دوراً مهماً في هزيمة الفرس. وأدت النزاعات والتحالفات التي نشأت بعد فترة السلام – التي عمت اليونان القديمة، إثر هزيمة الفرس – إلى بروز طيبة كقوة عسكرية، تمكنت من كسب واستقطاب الجماعات التي عانت من الظلم الإسبرطي.. وكانت نهاية إسبرطة.

ثم إنني اتجهت أيضاً للقراءة في تاريخ «الفايكينج».. قراصنة – أو غزاة – الشمال، الذين اندفعوا من العروض العليا في أوروبا.. نحو الجنوب، وتميزوا بعنف حروبهم، وغياب أي ضوابط إنسانية وأخلاقية، وفرضوا سيطرتهم على مناطق عديدة واستوطنوها، وربما يكون في سيرتهم.. بعض التماثل مع الصهاينة.

نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة