زياد بهاء الدين..
سهرت مساء الثلاثاء4 فبراير الجاري – كما فعل كثيرون – لمتابعة المؤتمر الصحفي لرئيس أمريكا ورئيس وزراء إسرائيل، انتظاراً لرد فعلهما حيال الرفض الفلسطيني والمصري والأردني.. لتهجير أهل غزة، وهو الرفض المدعوم عبر الوطن العربي.
الكلام طبعاً.. كان صادماً، ومتجاوزاً لكل ما يمكن توقعه؛خاصة من الرئيس «ترامب». فقد قال – ببساطة ووضوح – أن بلده سوف «يتملك» قطاع غزة، و«يديره»، و«ينظفه»، وبعد إخلائه من سكانه يحوله إلى جنة سياحية!
لا يُخفف من وطأة هذا الكلام المرسل – ربما – إلا صدوره عن رئيس معروف بالاندفاع في الكلام والوعود. وقد سبق له إعلان رغبته.. في ضم كندا إلى الولايات المتحدة، واسترداد قناة بنما، وانتزاع جرينلاند من الدنمارك. مع ذلك فعلينا- نحن العرب- أن نأخذ كلامه عن غزة بجدية أكثر.. لأننا حيال وضع مختلف؛ حيث لإسرائيل مصلحة، وخطة إخلاء غزة حقيقية وقديمة.
الاصطفاف العربي وراء رفض تهجير الفلسطينيين.. هو الموقف الصحيح، وقد كان له وقع دولي ملموس، ويجب أن يستمر بذات القوة. ولكن ماذا بعد؟ هل نكتفي بالرفض والاصطفاف وراء التمسك بالحق والأرض الفلسطينيين، ثم ننتظر ماذا يتغير في موقف الرئيس الأمريكي؟
الأكيد.. أن الاكتفاء بالرفض ليس كافياً؛ خاصة أن الوضع في غزة لا يسمح بالانتظار. بل لابد أن يكون رفضاً مستنداً إلى تقديم خطة بديلة. وغياب هذا التصور العربي البديل، يعني إما ترك الشعب الفلسطيني لمصير غامض، أو قبول خطة إخلاء غزة ضمنياً.. وتركها تتحقق تدريجياً. وهذا ما يراهن عليه الرئيس الأمريكي.. الذي سُئل في مناسبة أخرى عما يتوقعه من ردود الفعل العربية حيال خطته تجاه غزة، فقال ما معناه: «لا شيء.. فقد اعترضوا حينما أعلنت عن نقل السفارة إلى القدس، ولم يفعلوا شيئاً». الرجل إذن يراهن على أن الرفض والتنديد.. هو أقصى ما نصل إليه. ولهذا يلزم أن تكون هناك خطة عربية بديلة.
ليس هنا مجال التطرق لمثل هذه الخطة تفصيلاً، وهناك أولويات كثيرة مطلوبة فوراً، على رأسها تثبيت واستمرار وقف إطلاق النار الحالي، وتشكيل المجموعة المفاوضة بالنيابة عن الشعب الفلسطيني.. في هذه المرحلة الدقيقة، والعمل على أن تستمر جهود الإغاثة الدولية وتتصاعد.. كي يتمكن أهل غزة من استرداد الحد الأدنى من ظروف المعيشة المحتملة.
ولكن علي التوازي، فلا يجب انتظار دعوة الاتحاد الأوروبي، أو البنك الدولي، ولا الولايات المتحدة.. لعقد «مؤتمر دولي لإعمار غزة»، بل يلزم أخذ المبادرة عربياً. ونحن لا ينقصنا الخبرة، ولا الإمكانات، ولا المعرفة.. لأخذ هذه المبادرة، أو انتظار الضوء الأخضر من غيرنا.
خطة الرئيس «ترامب» قد تبدو لنا غير مقبولة، وغير معقولة، وهي كذلك بالفعل. ولكن لن يُكسبها جدية ومصداقية.. إلا أن يستمر الموقف العربي مكتفياً بالرفض، وبانتقاد ما هو مطروح. والرد العملي- والمفيد – عليها هو طرح بديل عربي سياسي واقتصادي؛ يحافظ على الأرض الفلسطينية، ويحمي أهل غزة من الهجرة القسرية، ويمهد لإعادة الإعمار.
نقلاً عن «المصري اليوم»