Times of Egypt

«الاستراتيجيون» و«كائنات فيروز كراوية المبسترة»

M.Adam
وجيه وهبة 

وجيه وهبة

امتلأت الساحة الإعلامية بالخبراء «السوبر»، الذين هم خبراء في كل شيء؛ فهم محللون سياسيون وعسكريون واستراتيجيون، في آن واحد، لا يراعي أحد منهم تخصصه، فهناك ـ مثلاً ـ من هم خارج الخدمة العسكرية، ممن يطلون علينا بانتظام، كمحللين، أو هكذا يُفترض. ولكن بعضهم يتجاوز حدود تخصصه أحياناً، فيرتكب أخطاء سياسية فادحة، قد تكون عواقبها وخيمة، لا يجدي معها اعتذار، أو تملص.

■ بكل ثقة قال «المحلل الاستراتيجي» ضيف البرنامج التليفزيوني مؤكداً: «صدقني، مصر هي أساس الاستقرار في المنطقة.. لو حبت أمريكا تعمل أي عمليات ضد إيران في الفترة الجايه لازم الضوء الأخضر من مصر..»!! تُرى هل في قولٍ مثل هذا أدنى قدر من الحكمة السياسية؟! وماذا لو ضربت أمريكا إيران أو اعتدت على أي دولة في المنطقة، دون أن «تأذن لها مصر»؟ أليس من حق المتضرر.. أن يتهم «مصر» بالتآمر مع المعتدي أو ـ على الأقل ـ بالتستر، حتى لو لم تكن تعلم بهذا الاعتداء؟

■ «استراتيجي» آخر – منذ بضعة أسابيع، في إحدى الفضائيات العربية، وهو بصدد دفاعه عن موقف مصر السليم من مسألة «غزة»، في مواجهة مناظريه «الديماجوجيون» – زلَّ وزايد عليهما بقوله: «كامب ديفيد.. نحن نعلم وهم يعلمون أنها مجرد هدنة»! ولم تكن هذه المرة الأولى التي يقول فيها هذا المحلل/الصحفي، هذا القول. «ما بيننا وبين إسرائيل هدنة»! 

أفلا يُعتبر هذا تحليلاً «شعبوياً» أبعد ما يكون عن الحكمة والرزانة.. في عالم يتصيد «الساقطة واللاقطة» لأمم العالم الثالث التعيسة بمحلليها الجهابذة؟!

كورس الإحياء

بعد بدء الرد الإيراني.. بإطلاق الصواريخ على المدن الإسرائيلية، وفي سياق تحليله للموقف، وصف سياسي ودبلوماسي مخضرم الموقف بقوله: «إيران علِّمت على إسرائيل»!! 

أهذا هو المعيار في النظر إلى الأمور الجسام، ودمار البلاد وعشرات آلاف الضحايا.. «التعليم»؟ 

نفس الذهنية التي وصفت ما جرى في السابع من أكتوبر 2023، بأن «حماس أحيت القضية وعلِّمت على إسرائيل»! ومازال أعضاء كورس أغنية «7 أكتوبر أحيت القضية الفلسطينية»، مازالوا، وبلا خجل، يرددون هذه الأغنية بصوت أعلى، يتزايد ارتفاعه بصورة هيستيرية، مع تزايد ارتفاع عدد الضحايا من المدنيين، وقدر الدمار والخراب. ومازال إعلام التضليل والنكسات المازوخي.. إعلام التسخين، مازال ينفخ في نار حروب غير متكافئة، و.. «زغرطي ياللي مانتيش غرمانة».

فيروز كراوية وكائناتها المبسترة

■ متابعة وسائل التواصل الاجتماعي، كثيراً ما تبين عن أصحاب آراء ومواهب، جديرة بالمتابعة، إذ هم أفضل من كثير من «الاستراتيجيين» الذين يطلون علينا من كل حدب وصوب. من بين تلك المواهب، الكاتبة الدكتورة «فيروز السيد كراوية».. متعددة المواهب. ومن صفحتها (فيسبوك) اخترت مقطعاً ساخراً مبيناً عن رؤية ثاقبة!! هي خير ختام، حيث تقول:

«الكائن المبستر اللي بقاله سنتين، يشوف صاروخين أو بمبتين اتضربوا على إسرائيل.. يطير من الفرحة، ويقضي ليلته سكراناً منتشياً، وتاني يوم يشوف الضربة الانتقامية وعذاب أهل غزة.. يبتدي الولولة ولعن العالم وازدواجية المعايير. بقالنا سنتين وأكتر بنشوفه، كل ما المصيبة تنتقل من بلد لبلد يتكرر نفس الحال، عايش كدا على طول، وعنده استعداد يعيش كدا على طول برضه، عبارة عن استجابة شرطية، أحمر افرز أدرينالين، أخضر افرز كورتيزون، وتستمر الدائرة».

«في النص، بقى يظهر حكماء كدا، يقولك أصلنا اتأخرنا في الاعتماد على العلم والعقلانية والديمقراطية والتكنولوجيا والفينومينولوجيا والسيكولوجيا، كومبو كدا بيترص، تحس إنها حاجات بننزل نشتريها من السوبر ماركت، بس أبونا راجل شرير أو خاين أو على أقل تقدير حمار، بينزلنا السوبر ماركت نشتري لبان وشوكولاتة».

«بس الاستخدام الاستعمالي للكلمات دي سرعان ما يتبخر، لو شافوا بمبتين اتضربوا تاني، أو الصراع انتقل لميليشيا تانية أو سيادة الجمهورية الإسلامية اللي راميين عليها الهلب، وهتحقق الأمل. واللي بيضربوا بيها المثل في الالتفات للعلم والنووي والصواريخ. وبيصنفوا اللي مش بيتعبدوا في محرابها كالعادة.. بالمتصهينين والانهزاميين وإلى آخر اللستة».

«العقل المبستر.. اللي شغال من أول يوم على التسخين وقت البمب والصواريخ، والتبريد وقت الضرب ع القفا، علشان يحتفظ للقوى اللي بيشجعها بهيبتها و«انتصاراتها»، ونظام «أحبه مهما أشوف منه».. اللي عايزين يفرضوه على رقبة الجميع، مالوش أي علاقة بعقلانية ولا علم، ولا عمره هيبقى ليه».

«دي ناس رافضة تسمع كلمة واحدة.. تشكك في البناء المتكامل من الافتراضات اللي شغالين بيه؛ سواء لأنهم ماشيين ورا دعاية أيديولوجية بيتصرف عليها عشرات السنين، أو سواء خايفين يعرفوا أي حقائق، وطايرين فوق عش المجانين.. خوفاً من انكشاف الوهم».

«مفيش أي مساحة يسمعوا، ولا يراجعوا، ولا يعرفوا – على الأقل – مين بقاله سنتين بيضللهم وبيضرب كلام وتحليلات.. ثبت خطؤها بدون أي التزام أدبي. الالتزام الأدبي بالمراجعة والتحقق والتصحيح هو كمان من أسس البنية العلمية.. زي الشك بالظبط».

«أستاذ علم النفس يتكلم عن الصواريخ، والشاعر بيحلل العقلية الإيرانية، إنما لو حد بتاع علوم سياسية أو حد عاش تجربة مختلفة ورآها رأي العين – اللي هي إمبريقية بلغة العلم برضه – وقال كلام مش عاجب يقام عليه الحد. وأسرع شيء يجتمع عليه هؤلاء.. فعل التصنيف والإدانة، ثم الاستباحة والشتيمة.. في حفلة بذاءة اعتادوها، وشفناها كتير من أيام «الربيع»، اللي برضه ما قالوش عنه تحليل أو رؤية وصدقت». «ا. هـ».

■ هذا ما تيسر من مقال الكاتبة «غير الاستراتيجية»، وللمزيد.. يمكن المتابعة على صفحتها.

نقلاً عن «المصري اليوم«

شارك هذه المقالة