صلاح دياب..
الخميس الماضي، كان مانشيت صحيفة «المصري اليوم» هو «الرئيس: مُصرّون على تغيير الواقع الذي نعيش فيه». السيسي يدعو القطاع الخاص.. للمشاركة في الاستثمار الزراعي. الرئيس، خلال افتتاحه فعاليات انطلاق موسم حصاد القمح 2025.. من داخل مشروع «مستقبل مصر» للإنتاج الزراعي بمنطقة الضبعة.
طرح عدة أفكار، ومنها قوله: «هل نستطيع خلال عامين أو ثلاثة، أن نقوم بإحلال وتبديل 2 مليون رأس ماشية من السلالات العادية؟سأُثمِّن هذا الإنجاز.. إذا تم». لا يختلف أحد مع أفكار الرئيس المهمة، ولكن أن يجتهد في اقتراح سُبُل ووسائل وأساليب تحقيقها.
لنبدأ بالمقترح الأول.. الذي جاءني من د. مدحت خفاجي – الأستاذ بجامعة القاهرة – حيث يقول: «ثمن البقرة عالية الإنتاج من نوع هولشتين – التي نريد شراءها من الخارج – أكثر من 2000 دولار للواحدة، أي أننا بحاجة إلى 4 مليارات دولار. ماذا لو اشترينا أجنّة الهولشتين وزرعناها في الأبقار؟سنوفر معظم المبلغ، لأن الجنين ثمنه 100 دولار، سنحتاج 300 مليون دولار فقط. هذا ما فعلته بريطانيا أوائل تسعينيات القرن الماضي، عندما حوّلت 7 ملايين بقرة فريزيان وهيريفورد.. إلى هولشتين؛ بحقن أجنة الهولشتين بها. هذه البقرة تمتاز بإنتاج 25 لتراً لبن يومياً.. مقارنة بـ10 لترات للبقرة المصرية. وهذا كفيل بحل مشكلة نقص الألبان، بل إننا نستطيع أن نصنّع منها لبن الأطفال.. الذي نضطر لاستيراده.
هذا مجرد اقتراح بحل «يُقبل أو يُرفض».
الرئيس قال أيضاً إن «الـ800 ألف فدان.. المتوقع دخولها الخدمة، تُدر في العام الواحد حوالي 30 مليار جنيه بمتوسط 50 ألف جنيه للفدان». هذا الرقم يساوي 600 مليون دولار. نحن هدفنا الأول في مصر الحصول على الدولارات، لذلك لو خصصنا أية أرض متاحة.. للإنتاج من أجل التصدير، فإن الفدان سيحقق 4 آلاف دولار، أي أننا يلزمنا 150 ألف فدان فقط، كي نحصل على المبلغ المنشود.
ولكن كيف يكون ذلك؟
فقط بإعطاء الأولوية للمصدّرين الزراعيين. من هم هؤلاء المصدّرون؟
كل ما علينا أن نسأل الجمارك، لأن لديها أسماء كل من صدّر منتجات زراعية.
نقطة مهمة أخرى.. مع إلغاء نظام حق انتفاع 5 سنوات، يجعل الهدف الأسمى بعد ذلك، تمديد فترة حق الانتفاع 5 سنوات.. بما يشجع المستأجرين بالتركيز على الزراعات المعمرة.
هذا مجرد اقتراح يحل «يُقبل أو يُرفض».
الرئيس طالب أيضاً وزيري الرّي والزراعة.. بالعون والمساعدة في زيادة الرقعة الزراعية.. بينما هذه الزيادة تتوقف بصفة أساسية على مصدر المياه. استخدام المياه في مصر قرار حدّده الفراعنة.. من 8 آلاف سنة، وأرجو من السيد وزير الرّي.. أن يبحث في «الذكاء الاصطناعي»،عن الفارق بين الرّي في زمن الفراعنة والرّي الحديث. ثم يأتي للرئيس بأرقام محددة… عن نسبة التوفير في المياه، إذا طورنا أسلوب الرّي.
ثم يأتي له بخطته.. لتحويل نظام الرّي في أول محافظة، وبعد ذلك برنامج التطوير الشامل الذي قد يستغرق عدة سنوات. المشكلة ليست في الوزيرين، بل في نقص المياه. وهي أيضاً ليست مشكلة سد النهضة؛ الذي نأخذه كشماعة.
هناك حلول في أيدينا، ولابد أن نأخذ بها فوراً. هذه الحلول يمكن أن توفّر 90% من المياه، الأمر الذي يجعلنا نتوسع في الزراعة والتصدير، وعندها يمكن – خلال 5 سنوات – الحصول على 50 مليار دولار سنوياً من الصادرات الزراعية، بدلاً من 10 مليارات دولار حالياً.
«مجرد اقتراح يُقبل أو يُرفض».
يجب أن يكون القانون.. هو الغطاء الواقي والحماية لكل المواطنين، قبل أي هيئة أخرى، فالتجاوز على القانون يُشعر المواطن بالقهر، وخاصة عندما يتعلق الأمر بمشروعات عظيمة؛ مثل جزيرتي الوراق والذهب. أتمنى أن تتعامل الدولة مع المواطنين – الذين يمتلكون عقوداً مسجلة – بالقانون. وهذا لن يتأتى.. إلا بتحديد قيمة عادلة لسعر الأرض الزراعية، وقيمة عادلة لسعر أرض البناء، ويتم عرض السعر على الملاك، وتحديد يوم للتصويت.. بالقبول أو الرفض. إذا وافقت الأغلبية، يكون ذلك إيذاناً بإقامة المشروع القومي في الجزيرتين.
«مجرد اقتراح يُقبل أو يُرفض».
نفس الأمر ينطبق على الأراضي التي على النيل؛بدلاً من نزع الملكية. بعد تغيير خط التهذيب بشكل مفاجئ، والعودة إلى خط تهذيب.. يعود لعصر الملك فؤاد – أي قبل بناء السد العالي – قد يكون من الأفضل.. أن تقوم الدولة بتحفيز وتشجيع المواطنين.. على إقامة فنادق وغرف فندقية، تشجع مصر على أن تأخذ حقها المشروع، والمستحق من السياحة. مع ملاحظة أن كل هذه الأراضي.. بها متخللات من أملاك الدولة، ويمكن لها أيضاً تحديد سعر عادل.. لمستخدمي هذه الأرض. سعر يُرضي الدولة، ويلتزم بالقانون بترجيح من الملاك.
الرئيس حدّد الهدف، ونحن متفقون تماماً عليه، لكن هناك وسائل عديدة لتحقيقه.
علينا أن نفتح المجال.. لكل صاحب رأي ورؤية. وحمايته، بدلاً من مهاجمته؛ لأنه لا يقصد إلا الخير، ولا يريد سوى الاستجابة لتوجيهات الرئيس.. الذي غيّر بالفعل من واقع مصر.
مصر تحتاج إلى عقول تفكّر وتقترح، وليس عقليات تُصادر التفكير المختلف، وتغضب من الاقتراحات.
نقلاً عن «المصري اليوم»