يعتزم الاتحاد الأوروبي، اليوم الثلاثاء، رفع جميع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، في إطار دعم المرحلة الانتقالية التي تشهدها البلاد عقب سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد وبدء عهد سياسي جديد.
وأكد دبلوماسيون أوروبيون أن سفراء الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد توصلوا إلى اتفاق مبدئي بهذا الشأن، على أن يُعلَن القرار رسميًا خلال اجتماع وزراء الخارجية المرتقب في وقت لاحق من اليوم.
من التجميد إلى الرفع الكامل
يمثل هذا القرار امتدادًا لتحرك سابق اتخذه الاتحاد في فبراير الماضي، حين قرر تعليق عدد من العقوبات، شملت قيودًا كانت مفروضة على قطاعات حيوية مثل الطاقة والنقل والإنشاءات. واليوم، يأتي الرفع الكامل ليعكس تغييرًا جذريًا في نهج بروكسل تجاه دمشق، بالتزامن مع بدء مرحلة سياسية جديدة بعد الإطاحة بالأسد في ديسمبر الماضي.
رسالة دعم لإعادة الإعمار
وبحسب مصادر دبلوماسية، فإن الاتحاد الأوروبي يهدف من هذه الخطوة إلى دعم جهود إعادة الإعمار في سوريا، وتعزيز فرص الاستقرار على المدى الطويل، بعد سنوات من النزاع الذي أودى بحياة مئات الآلاف ودمّر البنية التحتية للبلاد.
وأكد مسؤول أوروبي أن “رفع العقوبات هو رسالة دعم واضحة من الاتحاد الأوروبي للمرحلة الانتقالية الجارية في سوريا، وللإدارة الجديدة التي أبدت استعدادًا للتعاون والانفتاح السياسي”.
بناء علاقات جديدة
القرار الأوروبي يُعد أيضًا محاولة لإعادة رسم العلاقات مع الحكومة السورية الجديدة، التي كانت قد طالبت مرارًا برفع العقوبات الغربية باعتبارها عائقًا أمام التعافي الاقتصادي والإنساني، خصوصًا مع تصاعد الأزمات المعيشية في السنوات الأخيرة.
ورغم أن بعض العواصم الأوروبية لا تزال تتحفظ على منح دمشق أي اعتراف سياسي مبكر، إلا أن الاتجاه العام داخل الاتحاد يميل نحو “براغماتية سياسية” تراعي التغيرات على الأرض.
إرث من العقوبات
كانت العقوبات الأوروبية المفروضة منذ عام 2011 قد شملت عشرات المسؤولين السوريين، إضافة إلى مؤسسات حكومية وقطاعات رئيسية في الاقتصاد السوري، وذلك في إطار سياسة ضغط دولية لإجبار النظام السابق على الانخراط في حل سياسي شامل.
وتضمّنت هذه العقوبات تجميد أصول ومنع سفر وتقييد التعاملات المالية والتجارية، ما فاقم الوضع الاقتصادي والمعيشي للسوريين على مدار أكثر من عقد.
مرحلة جديدة… بشروط
ورغم الانفتاح الأوروبي، شددت المصادر الدبلوماسية على أن التعاون مع دمشق سيظل مشروطًا بمواصلة الإصلاحات السياسية، وتحقيق تقدم في ملفات العدالة الانتقالية وحقوق الإنسان، بما يضمن ألا يكون هذا الدعم “شيكًا على بياض”.
كما ينتظر أن تتبعه خطوات غربية إضافية، ربما تشمل تخفيف أو إعادة صياغة العقوبات الأميركية المفروضة بموجب قانون “قيصر”، وسط مؤشرات على تحوّل تدريجي في المواقف الدولية تجاه الملف السوري.