أمينة خيري
قبل نحو عامين، كتبت – في هذه المساحة – مقالاً عنوانه منطق حرية الإنجاب، وتحديداً في يوم 10 سبتمبر 2023. دارت الفكرة حول القنبلة السكانية.. التي لم تعد موقوتة، بل أصبحت تنفجر في وجوهنا بين الوقت والآخر، وذلك بسبب قرارات إنجاب عشوائية، وهي الفكرة التي أكتب عنها منذ ما يقرب من ثلاثة عقود، وسأستمر. اليوم، اسمحوا لي أن أعيد نشر أغلبها، وذلك لأني تلقيت رسالة تتعلق بالمقال بعد عامين من نشره، فيها العديد من النقاط الجديرة بالنقاش، على أن أنشر الرسالة في المقال المقبل، ومناقشتها في التالي.
كتبت في 10/9/23 أن الرئيس السيسي تحدث عن قنبلتنا.. التي لم تعد موقوتة بل منفجرة. تطرق الرئيس وقتها إلى حرية الإنجاب المكفولة، لكن الواجب تنظيمها. قلت إن نسبة كبيرة من المواليد الجدد ضحايا قرارات إنجاب عشوائية، وأن المنطق السائد هو.. نخلف وخلاص، نخلف وربك الرزاق. وأشرت إلى ما كتبت – على مدار عقود – عن المنطق الضائع؛ حيث اعتياد الإنجاب دون هوادة، وترك البعض يحدث تلفاً في بطن السفينة.. التي نبحر بها، هو انتحار بالتلف.
التلف الذي يمعن بعضنا في إحداثه، ويمعن البعض الآخر في تفسيره، بأنه تلف حميد.. حيث القوة البشرية ثروة، والكثرة العددية عزوة.. تبدو آثاره واضحة جلية أمام أعيننا. قلت إن استمرار عملية ضخ العيال بجنون، سيأتي على أخضر عجلة التنمية، وكذلك على يابس ميراث التجريف، الذي ورثناه على مدار عقود طويلة. المواطن الباحث عن تحسين دخله، أو أملاً في أن ينعم الله عليه، كما أنعم على غيره من أهل قريته.. بفرصة عمل في المدينة؛ مكنته من توفير مبلغ من المال، وبناء حتة بيت.. يضمه وعياله الستة، على قيراط الأرض الزراعية.. التي يمتلكها وإخوته السبعة.
وفي المدينة حيث حلم العمل خفيراً لفيلا، أو دليفري في سوبر ماركت، أو فرشة لعب بلاستيكية، أو أدوات منزلية.. إلى آخر قائمة الأعمال المعروفة، ثم يبدأ في توسيع قاعدة رأس المال. رأس المال المزمع – من خلال عيل.. يتم دفعه لقيادة توك توك، أو في مجال البناء، أو الدليفري، أو تزويج الطفلة – يعني حتمية تبني الملف السكاني.. باعتباره قضية حياة أو موت.
نحن في حاجة إلى إنهاء قبضة الإنجاب غير المسؤول.. على مفاصل الدولة ومواردها، وكذلك جيوب دافعي الضرائب.. ممن اختاروا الإنجاب المسؤول، ويجدون أموالاً.. تذهب لتمويل عملية ضخ العيال، ومحاولة إخراجهم من حلقة الفقر المفرغة.
وأشرت إلى أن أصحاب المهن الهامشية، يصنفون عادة في الإحصاءات الرسمية.. باعتبارهم عاطلين عن العمل، ومستحقين للدعم.. الذي يأتي من أموال دافعي الضرائب، ممن اكتفوا بطفل أو طفلين، وينتظرون خدمات حكومية أفضل، لا تيسير إنجاب المزيد من العيال.
هذا ما كتبت قبل عامين، وهذه هي الفكرة التي أكتب وأتحدث عنها على مدار ثلاثة عقود.
وفي المقال التالي، أنشر نص رسالة القارئ العزيز.
نقلاً عن «المصري اليوم»